ROTANACOFFEE

مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

ROTANACOFFEE

مرحبا بك عزيزي الزائر. المرجوا منك أن تعرّف بنفسك و تدخل المنتدى معنا. إن لم يكن لديك حساب بعد, نتشرف بدعوتك لإنشائه

ROTANACOFFEE

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

4 مشترك

    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه


    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad السبت فبراير 21, 2009 6:59 pm

    :oops:

    عروسة النيل كتب:
    موضوع مفيد وجميل
    ربنا يبارك فيكى ويجعله ليكى فى ميزان حسناتك
    ربنا يخليكي ويحفظك امين يارب العالمين
    شكرا لتنويركي موضوعي بكلامك المميز

    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad السبت فبراير 21, 2009 7:07 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    رَبَّنَا
    آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ
    الشَّاهِدِينَ (53)

    ربنا صدَّقنا بما أنزلت من الإنجيل, واتبعنا رسولك عيسى عليه السلام, فاجعلنا
    ممن شهدوا لك بالوحدانية ولأنبيائك بالرسالة, وهم أمة محمد صلى الله عليه
    وسلم الذين يشهدون للرسل بأنهم بلَّغوا أممهم.

    وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)

    ومكر الذين كفروا من بني إسرائيل بعيسى عليه السلام, بأن وكَّلوا به من يقتله
    غِيْلة, فألقى الله شَبَه عيسى على رجل دلَّهم عليه فأمسكوا به, وقتلوه
    وصلبوه ظناً منهم أنه عيسى عليه السلام, والله خير الماكرين. وفي هذا إثبات
    صفة المكر لله -تعالى- على ما يليق بجلاله وكماله; لأنه مكر بحق, وفي مقابلة
    مكر الماكرين.

    إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ
    وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ
    فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ
    مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ
    (55)

    ومكر الله بهم حين قال الله لعيسى: إني قابضك من الأرض من غير أن ينالك سوء,
    ورافعك إليَّ ببدنك وروحك, ومخلصك من الذين كفروا بك, وجاعل الذين اتبعوك أي
    على دينك وما جئت به عن الله من الدين والبشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم
    وآمَنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم, بعد بعثنه, والتزموا شريعته ظاهرين على
    الذين جحدوا نبوتك إلى يوم القيامة, ثم إليّ مصيركم جميعًا يوم الحساب,
    فأفصِل بينكم فيما كنتم فيه تختلفون من أمر عيسى عليه السلام.

    فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي
    الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (56)

    فأمَّا الذين كفروا بالمسيح من اليهود أو غَلَوا فيه من النصارى, فأعذبهم
    عذابًا شديدًا في الدنيا: بالقتل وسلْبِ الأموال وإزالة الملك, وفي الآخرة
    بالنار, وما لهم مِن ناصر ينصرهم ويدفع عنهم عذاب الله.

    وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ
    أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (57)

    وأما الذين آمنوا بالله ورسله وعملوا الأعمال الصالحة, فيعطيهم الله ثواب
    أعمالهم كاملا غير منقوص. والله لا يحب الظالمين بالشرك والكفر.

    ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنْ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ (58

    ذلك الذي نقصُّه عليك في شأن عيسى, من الدلائل الواضحة على صحة رسالتك, وصحة
    القرآن الحكيم الذي يفصل بين الحق والباطل, فلا شك فيه ولا امتراء.

    إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ
    ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (59)

    إنَّ خَلْقَ الله لعيسى من غير أب مثَلُه كمثل خلق الله لآدم من غير أب ولا
    أم, إذ خلقه من تراب الأرض, ثم قال له: "كن بشرًا" فكان. فدعوى إلهية عيسى
    لكونه خلق من غير أب دعوى باطلة; فآدم عليه السلام خلق من غير أب ولا أم,
    واتفق الجميع على أنه عَبْد من عباد الله.

    الْحَقُّ
    مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنْ الْمُمْتَرِينَ (60)

    الحق الذي لا شك فيه في أمر عيسى هو الذي جاءك -أيها الرسول- من ربك, فدم على
    يقينك, وعلى ما أنت عليه من ترك الافتراء, ولا تكن من الشاكِّين, وفي هذا
    تثبيت وطمأنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ فَقُلْ
    تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ
    وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ
    عَلَى الْكَاذِبِينَ (61)

    فمَن جادلك -أيها الرسول- في المسيح عيسى ابن مريم من بعد ما جاءك من العلم
    في أمر عيسى عليه السلام, فقل لهم: تعالوا نُحْضِر أبناءنا وأبناءكم, ونساءنا
    ونساءكم, وأنفسنا وأنفسكم, ثم نتجه إلى الله بالدعاء أن يُنزل عقوبته ولعنته
    على الكاذبين في قولهم, المصرِّين على عنادهم.

    إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ
    الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ
    الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (62)

    إن هذا الذي أنبأتك به من أمر عيسى لهو النبأ الحق الذي لا شك فيه, وما من
    معبود يستحق العبادة إلا الله وحده, وإن الله لهو العزيز في ملكه, الحكيم في
    تدبيره وفعله.

    فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ (63)


    فإن أعرضوا عن تصديقك واتباعك فهم المفسدون, والله عليم بهم, وسيجازيهم على
    ذلك

    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا
    وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً
    وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ
    تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (64)

    قل -أيها الرسول- لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: تعالَوْا إلى كلمة عدل وحق
    نلتزم بها جميعًا: وهي أن نَخُص الله وحده بالعبادة, ولا نتخذ أي شريك معه,
    من وثن أو صنم أو صليب أو طاغوت أو غير ذلك, ولا يدين بعضنا لبعض بالطاعة من
    دون الله. فإن أعرضوا عن هذه الدعوة الطيبة فقولوا لهم - أيها المؤمنون - :
    اشهدوا علينا بأنا مسلمون منقادون لربنا بالعبودية والإخلاص. والدعوة إلى
    كلمة سواء, كما تُوجَّه إلى اليهود والنصارى, توجَّه إلى من جرى مجراهم.

    يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتْ
    التَّوْرَاةُ وَالإِنجِيلُ إِلاَّ مِنْ بَعْدِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (65)

    يا أصحاب الكتب المنزلة من اليهود والنصارى, كيف يجادل كل منكم في أن إبراهيم
    عليه السلام كان على ملَّته, وما أُنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده؟ أفلا
    تفقهون خطأ قولكم: إن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانياً, وقد علمتم أن
    اليهودية والنصرانية حدثت بعد وفاته بحين؟

    هَاأَنْتُمْ
    هَؤُلاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا
    لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ
    (66)

    ها أنتم يا هؤلاء جادلتم رسول الله محمدًا صلى الله عليه وسلم فيما لكم به
    علم مِن أمر دينكم, مما تعتقدون صحته في كتبكم, فلِمَ تجادلون فيما ليس لكم
    به علم من أمر إبراهيم؟ والله يعلم الأمور على خفائها, وأنتم لا تعلمون.

    مَا
    كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً
    مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67)

    ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً, فلم تكن اليهودية ولا النصرانية إلا من
    بعده, ولكن كان متبعًا لأمر الله وطاعته, مستسلمًا لربه, وما كان من
    المشركين.

    إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا
    النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ (68

    إنَّ أحق الناس بإبراهيم وأخصهم به, الذين آمنوا به وصدقوا برسالته واتبعوه
    على دينه, وهذا النبي محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا به. والله وليُّ
    المؤمنين به المتبعين شرعه.

    وَدَّتْ
    طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ وَمَا يُضِلُّونَ
    إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (69)

    تمنَّت جماعة من اليهود والنصارى لو يضلونكم - أيها المسلمون - عن الإسلام,
    وما يضلون إلا أنفسهم وأتباعهم, وما يدرون ذلك ولا يعلمونه.

    يَا
    أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ
    (70)

    يا أهل التوراة والإنجيل لم تجحدون آيات الله التي أنزلها على رسله في كتبهم,
    وفيها أن محمدًا صلى الله عليه وسلم هو الرسول المنتظر, وأن ما جاءكم به هو
    الحق, وأنتم تشهدون بذلك؟ ولكنكم تنكرونه.

    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad السبت فبراير 21, 2009 7:40 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    يَا أَهْلَ
    الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ
    وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (71)

    يا أهل التوراة والإنجيل لِمَ تخلطون الحق في كتبكم بما حرفتموه وكتبتموه من
    الباطل بأيديكم, وتُخْفون ما فيهما من صفة محمد صلى الله عليه وسلم, وأن دينه
    هو الحق, وأنتم تعلمون ذلك؟

    وَقَالَتْ
    طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى
    الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ
    يَرْجِعُونَ (72)

    وقالت جماعة من أهل الكتاب من اليهود: صدِّقوا بالذي أُنزل على الذين آمنوا
    أول النهار واكفروا آخره; لعلهم يتشككون في دينهم, ويرجعون عنه.

    وَلا تُؤْمِنُوا إِلاَّ لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدَى هُدَى
    اللَّهِ أَنْ يُؤْتَى أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُوتِيتُمْ أَوْ يُحَاجُّوكُمْ
    عِنْدَ رَبِّكُمْ قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ
    يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (73)

    ولا تصدِّقوا تصديقًا صحيحًا إلا لمَن تبع دينكم فكان يهودياً, قل لهم -أيها
    الرسول- : إن الهدى والتوفيق هدى الله وتوفيقه للإيمان الصحيح. وقالوا: لا
    تظهروا ما عندكم من العلم للمسلمين فيتعلمون منكم فيساووكم في العلم به,
    وتكون لهم الأفضلية عليكم, أو أن يتخذوه حجة عند ربكم يغلبونكم بها. قل لهم
    -أيها الرسول- : إن الفضل والعطاء والأمور كلها بيد الله وتحت تصرفه, يؤتيها
    من يشاء ممن آمن به وبرسوله. والله واسع عليم, يَسَعُ بعلمه وعطائه جميع
    مخلوقاته, ممن يستحق فضله ونعمه.

    يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ
    (74)

    إن الله يختص مِن خلقه مَن يشاء بالنبوة والهداية إلى أكمل الشرائع, والله ذو
    الفضل العظيم.

    وَمِنْ
    أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ
    وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ
    مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا
    فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ
    يَعْلَمُونَ (75)

    ومن أهل الكتاب من اليهود مَن إنْ تأمنه على كثير من المال يؤدِّه إليك من
    غير خيانة, ومنهم مَن إنْ تأمنه على دينار واحد لا يؤدِّه اليك, إلا إذا بذلت
    غاية الجهد في مطالبته. وسبب ذلك عقيدة فاسدة تجعلهم يستحلُّون أموال العرب
    بالباطل, ويقولون: ليس علينا في أكل أموالهم إثم ولا حرج; لأن الله أحلَّها
    لنا. وهذا كذب على الله, يقولونه بألسنتهم, وهم يعلمون أنهم كاذبون.

    بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ
    الْمُتَّقِينَ (76)

    ليس الأمر كما زعم هؤلاء الكاذبون, فإن المتقي حقاً هو من أوفى بما عاهد الله
    عليه من أداء الأمانة والإيمان به وبرسله والتزم هديه وشرعه, وخاف الله عز
    وجل فامتثل أمره وانتهى عما نهى عنه. والله يحب المتقين الذين يتقون الشرك
    والمعاصي.

    إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً
    قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمْ
    اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ
    وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (77)

    إن الذين يستبدلون بعهد الله ووصيته التي أوصى بها في الكتب التي أنزلها على
    أنبيانهم, عوضًا وبدلا خسيسًا من عرض الدنيا وحطامها, أولئك لا نصيب لهم من
    الثواب في الآخرة, ولا يكلمهم الله بما يسرهم, ولا ينظر إليهم يوم القيامة
    بعين الرحمة, ولا يطهرهم من دنس الذنوب والكفر, ولهم عذاب موجع.

    وَإِنَّ
    مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ
    مِنْ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ
    اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ
    وَهُمْ يَعْلَمُونَ (78

    وإن مِن اليهود لَجماعةً يحرفون الكلام عن مواضعه, ويبدلون كلام الله;
    ليوهموا غيرهم أن هذا من الكلام المنزل, وهو التوراة, وما هو منها في شيء,
    ويقولون: هذا من عند الله أوحاه الله إلى نبيه موسى, وما هو من عند الله, وهم
    لأجل دنياهم يقولون على الله الكذب وهم يعلمون أنهم كاذبون.

    مَا
    كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ
    وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ
    اللَّهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ
    الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ (79)

    ما ينبغي لأحد من البشر أن يُنزِّل الله عليه كتابه ويجعله حكمًا بين خلقه
    ويختاره نبياً, ثم يقول للناس: اعبدوني من دون الله, ولكن يقول: كونوا حكماء
    فقهاء علماء بما كنتم تُعَلِّمونه غيركم من وحي الله تعالى, وبما تدرسونه منه
    حفظًا وعلمًا وفقهًا.

    وَلا
    يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً
    أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (80)

    وما كان لأحد منهم أن يأمركم باتخاذ الملائكة والنبيين أربابًا تعبدونهم من
    دون الله. أَيُعْقَلُ -أيها الناس- أن يأمركم بالكفر بالله بعد انقيادكم
    لأمره؟

    وَإِذْ
    أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ
    وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ
    بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ
    إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ
    الشَّاهِدِينَ (81)

    واذكر -أيها الرسول- إذ أخذ الله سبحانه العهد المؤكد على جميع الأنبياء:
    لَئِنْ آتيتكم من كتاب وحكمة, ثم جاءكم رسول من عندي, مصدق لما معكم لتؤمنن
    به ولتنصرنَّه. فهل أقررتم واعترفتم بذلك وأخذتم على ذلك عهدي الموثق؟ قالوا:
    أقررنا بذلك, قال: فليشهدْ بعضكم على بعض, واشهدوا على أممكم بذلك, وأنا معكم
    من الشاهدين عليكم وعليهم. وفي هذا أن الله أخذ الميثاق على كل نبي أن يؤمن
    بمحمد صلى الله عليه وسلم, وأخذ الميثاق على أمم الأنبياء بذلك.

    فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ (82)

    فمن أعرض عن دعوة الإسلام بعد هذا البيان وهذا العهد الذي أخذه الله على
    أنبيائه, فأولئك هم الخارجون عن دين الله وطاعة ربهم.

    أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ
    وَالأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83)

    أيريد هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب غير دين الله -وهو الإسلام الذي بعث الله
    به محمدا صلى الله عليه وسلم-، مع أن كل مَن في السموات والأرض استسلم وانقاد
    وخضع لله طواعية -كالمؤمنين- ورغمًا عنهم عند الشدائد, حين لا ينفعهم ذلك وهم
    الكفار, كما خضع له سائر الكائنات, وإليه يُرجَعون يوم المعاد, فيجازي كلا
    بعمله. وهذا تحذير من الله تعالى لخلقه أن يرجع إليه أحد منهم على غير ملة
    الإسلام

    قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى
    إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا
    أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ
    أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84)

    قل لهم -أيها الرسول- : صدَّقنا بالله وأطعنا, فلا رب لنا غيره, ولا معبود
    لنا سواه, وآمنَّا بالوحي الذي أنزله الله علينا, والذي أنزله على إبراهيم
    خليل الله, وابنيه إسماعبل وإسحاق, وابن ابنه يعقوب بن إسحاق, والذي أنزله
    على الأسباط -وهم الأنبياء الذين كانوا في قبائل بني إسرائيل الاثنتي عشرة
    مِن ولد يعقوب- وما أوتي موسى وعيسى من التوراة والإنجيل, وما أنزله الله على
    أنبيائه, نؤمن بذلك كله, ولا نفرق بين أحد منهم, ونحن لله وحده منقادون
    بالطاعة, مُقِرُّون له بالربوبية والألوهية والعبادة.

    وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ
    فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ (85)

    ومن يطلب دينًا غير دين الإسلام الذي هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له
    بالطاعة, والعبودية, ولرسوله النبي الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم بالإيمان
    به وبمتابعته ومحبته ظاهرًا وباطنًا, فلن يُقبل منه ذلك, وهو في الآخرة من
    الخاسرين الذين بخسوا أنفسهم حظوظها.

    كَيْفَ
    يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ
    الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ
    الظَّالِمِينَ (86)

    كيف بوفق الله للإيمان به وبرسوله قومًا جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم
    بعد إيمانهم به, وشهدوا أن محمدًا صلى الله علبه وسلم حق وما جاء به هو الحق,
    وجاءهم الحجج من عند الله والدلائل بصحة ذلك؟ والله لا يوفق للحق والصواب
    الجماعة الظلمة, وهم الذين عدلوا عن الحق إلى الباطل, فاختاروا الكفر على
    الإيمان.

    أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ
    وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87)

    أولئك الظالمون جزاؤهم أنَّ عليهم لعنة الله والملائكة والناسِ أجمعين, فهم
    مطرودون من رحمة الله.

    خَالِدِينَ
    فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (88

    ماكثين في النار, لا يُرفع عنهم العذاب قليلا ليستريحوا, ولا يُؤخر عنهم
    لمعذرة يعتذرون بها.

    إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ
    غَفُورٌ رَحِيمٌ (89)

    إلا الذين رجعوا إلى ربهم بالتوبة النصوح من بعد كفرهم وظلمهم, وأصلحوا ما
    أفسدوه بتوبتهم فإن الله يقبلها, فهو غفور لذنوب عباده, رحيم بهم.

    إِنَّ
    الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَنْ
    تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الضَّالُّونَ (90)

    إن الذين كفروا بعد إيمانهم واستمروا على الكفر إلى الممات لن تُقبل لهم توبة
    عند حضور الموت, وأولئك هم الذين ضلُّوا السبيل, فأخطَؤُوا منهجه.

    إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ
    أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَباً وَلَوْ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ
    عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91)

    إن الذين جحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, وماتوا على الكفر بالله
    ورسوله, فلن يُقبل من أحدهم يوم القيامة ملء الأرض ذهبًا; ليفتدي به نفسه من
    عذاب الله, ولو افتدى به نفسه فِعْلا. أولئك لهم عذاب موجع, وما لهم من أحد
    ينقذهم من عذاب الله.


    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الإثنين فبراير 23, 2009 9:42 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا
    تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)

    لن تدركوا الجنة حتى تتصدقوا مما تحبون, وأي شيء تتصدقوا به مهما كان قليلا
    أو كثيرًا فإن الله به عليم, وسيجازي كل منفق بحسب عمله.

    كُلُّ
    الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ
    إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ
    فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)

    كل الأطعمة الطيِّبة كانت حلالا لأبناء يعقوب عليه السلام إلا ما حرَّم يعقوب
    على نفسه لمرض نزل به, وذلك مِن قبل أن تُنَزَّل التوراة. فلما نُزِّلت
    التوراة حرَّم الله على بني إسرائيل بعض الأطعمة التي كانت حلالا لهم; وذلك
    لظلمهم وبغيهم. قل لهم -أيها الرسول- : هاتوا التوراة, واقرؤوا ما فيها إن
    كنتم محقين في دعواكم أن الله أنزل فيها تحريم ما حرَّمه يعقوب على نفسه, حتى
    تعلموا صدق ما جاء في القرآن من أن الله لم يحرم على بني إسرائيل شيئًا من
    قبل نزول التوراة, إلا ما حرَّمه يعقوب على نفسه.

    فَمَنْ
    افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ
    الظَّالِمُونَ (94)

    فمَن كذب على الله من بعد قراءة التوراة ووضوح الحقيقة, فأولئك هم الظالمون
    القائلون على الله بالباطل.

    قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا
    كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (95)

    قل لهم -أيها الرسول- صَدَق الله فيما أخبر به وفيما شرعه. فإن كنتم صادقين
    في محبتكم وانتسابكم لخليل الله إبراهيم عليه السلام فاتبعوا ملَّته التي
    شرعها الله على لسان محمد صلى الله عليه وسلم, فإنها الحق الذي لا شك فيه.
    وما كان إبراهيم عليه السلام من المشركين بالله في توحيده وعبادته أحدًا.

    إِنَّ
    أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى
    لِلْعَالَمِينَ (96)

    إن أول بيت بُني لعبادة الله في الأرض لهو بيت الله الحرام الذي في "مكة",
    وهذا البيت مبارك تضاعف فيه الحسنات, وتتنزل فيه الرحمات, وفي استقباله في
    الصلاة, وقصده لأداء الحج والعمرة, صلاح وهداية للناس أجمعين.

    فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً
    وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً
    وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ (97)

    في هذا البيت دلالات ظاهرات أنه من بناء إبراهيم, وأن الله عظَّمه وشرَّفه,
    منها: مقام إبراهيم عليه السلام, وهو الحَجَر الذي كان يقف عليه حين كان يرفع
    القواعد من البيت هو وابنه إسماعيل, ومن دخل هذا البيت أَمِنَ على نفسه فلا
    يناله أحد بسوء. وقد أوجب الله على المستطيع من الناس في أي مكان قَصْدَ هذا
    البيت لأداء مناسك الحج. ومن جحد فريضة الحج فقد كفر, والله غني عنه وعن
    حجِّه وعمله, وعن سائر خَلْقه.

    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ
    شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98

    قل -أيها الرسول- لأهل الكتاب من اليهود والنصارى: لِمَ تجحدون حجج الله التي
    دلَّتْ على أن دين الله هو الإسلام, وتنكرون ما في كتبهم من دلائل وبراهين
    على ذلك, وأنتم تعلمون؟ والله شهيد على صنيعكم. وفي ذلك تهديد ووعيد لهم.

    قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ
    آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ
    عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)

    قل -أيها الرسول- لليهود والنصارى: لِمَ تمنعون من الإسلام من يريد الدخول
    فيه تطلبون له زيغًا وميلا عن القصد والاستقامة, وأنتم تعلمون أن ما جئتُ به
    هو الحق؟ وما الله بغافل عما تعملون, وسوف يجازيكم على ذلك.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنْ الَّذِينَ
    أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, إن تطيعوا جماعة من اليهود
    والنصارى ممن آتاهم الله التوراة والإنجيل, يضلوكم, ويلقوا إليكم الشُّبَه في
    دينكم; لترجعوا جاحدين للحق بعد أن كنتم مؤمنين به, فلا تأمنوهم على دينكم,
    ولا تقبلوا لهم رأيًا أو مشورة.

    وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ
    وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى
    صِرَاطٍ
    مُسْتَقِيمٍ
    (101)

    وكيف تكفرون بالله -أيها المؤمنون -، وآيات القرآن تتلى عليكم, وفيكم رسول
    الله محمد صلى الله عليه وسلم يبلغها لكم؟ ومَن يتوكل على الله ويستمسك
    بالقرآن والسنة فقد وُفِّق لطريق واضح, ومنهاج مستقيم.

    يَا
    أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا
    تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله، وعملوا بشرعه, خافوا الله حق خوفه: وذلك
    بأن يطاع فلا يُعصى, ويُشكَر فلا يكفر, ويُذكَر فلا ينسى, وداوموا على تمسككم
    بإسلامكم إلى آخر حياتكم; لتلقوا الله وأنتم عليه.

    وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا
    نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ
    قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا
    حُفْرَةٍ مِنْ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ
    لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)

    وتمسَّكوا جميعًا بكتاب ربكم وهدي نبيكم, ولا تفعلوا ما يؤدي إلى فرقتكم.
    واذكروا نعمة جليلة أنعم الله بها عليكم: إذ كنتم -أيها المؤمنون- قبل
    الإسلام أعداء, فجمع الله قلوبكم على محبته ومحبة رسوله, وألقى في قلوبكم
    محبة بعضكم لبعض, فأصبحتم -بفضله- إخوانا متحابين, وكنتم على حافة نار جهنم,
    فهداكم الله بالإسلام ونجَّاكم من النار. وكما بيَّن الله لكم معالم الإيمان
    الصحيح فكذلك يبيِّن لكم كل ما فيه صلاحكم; لتهتدوا إلى سبيل الرشاد,
    وتسلكوها, فلا تضلوا عنها.

    وَلْتَكُنْ
    مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
    وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ (104)

    ولتكن منكم -أيها المؤمنون- جماعة تدعو إلى الخير وتأمر بالمعروف, وهو ما
    عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهى عن المنكر, وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا وأولئك
    هم الفائزون بجنات النعيم.

    وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا
    جَاءَهُمْ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)

    ولا تكونوا -أيها المؤمنون- كأهل الكتاب الذين وقعت بينهم العداوة والبغضاء
    فتفرَّقوا شيعًا وأحزابًا, واختلفوا في أصول دينهم من بعد أن اتضح لهم الحق,
    وأولئك مستحقون لعذابٍ عظيم موجع.

    يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ
    وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا
    كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)

    يوم القيامة تَبْيَضُّ وجوه أهل السعادة الذين آمنوا بالله ورسوله, وامتثلوا
    أمره, وتَسْوَدُّ وجوه أهل الشقاوة ممن كذبوا رسوله, وعصوا أمره. فأما الذين
    اسودَّت وجوههم, فيقال لهم توبيخًا: أكفرتم بعد إيمانكم, فاخترتم الكفر على
    الإيمان؟ فذوقوا العذاب بسبب كفركم.

    وَأَمَّا
    الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا
    خَالِدُونَ (107)

    وأما الذين ابيضَّتْ وجوهم بنضرة النعيم, وما بُشِّروا به من الخير, فهم في
    جنة الله ونعيمها, وهم باقون فيها, لا يخرجون منها أبدًا.

    تِلْكَ
    آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ
    ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108)

    هذه آيات الله وبراهينه الساطعة, نتلوها ونقصُّها عليك -أيها الرسول- بالصدق
    واليقين. وما الله بظالم أحدًا من خلقه, ولا بمنقص شيئًا من أعمالهم; لأنه
    الحاكم العدل الذي لا يجور .

    وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا
    فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ (109)

    ولله ما في السموات وما في الأرض, ملكٌ له وحده خلقًا وتدبيرًا, ومصير جميع
    الخلائق إليه وحده, فيجازي كلا على قدر استحقاقه

    كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
    وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ
    الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمْ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمْ
    الْفَاسِقُونَ (110)

    أنتم - يا أمة محمد - خير الأمم وأنفع الناس للناس, تأمرون بالمعروف, وهو ما
    عُرف حسنه شرعًا وعقلا وتنهون عن المنكر, وهو ما عُرف قبحه شرعًا وعقلا
    وتصدقون بالله تصديقًا جازمًا يؤيده العمل. ولو آمن أهل الكتاب من اليهود
    والنصارى بمحمد صلى الله عليه وسلم وما جاءهم به من عند الله كما آمنتم, لكان
    خيرا لهم في الدنيا والآخرة, منهم المؤمنون المصدقون برسالة محمد صلى الله
    عليه وسلم العاملون بها, وهم قليل, وأكثرهم الخارجون عن دين الله وطاعته.

    لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ
    يُوَلُّوكُمْ الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111)

    لن يضركم هؤلاء الفاسقون من أهل الكتاب إلا ما يؤذي أسماعكم من ألفاظ الشرك
    والكفر وغير ذلك, فإن يقاتلوكم يُهْزَموا, ويهربوا مولِّين الأدبار, ثم لا
    ينصرون عليكم بأي حال.

    ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ
    اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ
    عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ
    اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا
    وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)

    جعل الله الهوان والصغار أمرًا لازمًا لا يفارق اليهود, فهم أذلاء محتقرون
    أينما وُجِدوا, إلا بعهد من الله وعهد من الناس يأمنون به على أنفسهم
    وأموالهم, وذلك هو عقد الذمة لهم وإلزامهم أحكام الإسلام, ورجعوا بغضب من
    الله مستحقين له, وضُربت عليهم الذلَّة والمسكنة, فلا ترى اليهوديَّ إلا
    وعليه الخوف والرعب من أهل الإيمان; ذلك الذي جعله الله عليهم بسبب كفرهم
    بالله, وتجاوزهم حدوده, وقَتْلهم الأنبياء ظلمًا واعتداء, وما جرَّأهم على
    هذا إلا ارتكابهم للمعاصي, وتجاوزهم حدود الله.

    لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ
    آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)

    ليس أهل الكتاب متساوين: فمنهم جماعة مستقيمة على أمر الله مؤمنة برسوله محمد
    صلى الله عليه وسلم, يقومون الليل مرتلين آيات القرآن الكريم, مقبلين على
    مناجاة الله في صلواتهم.

    يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ
    وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ
    مِنَ الصَّالِحِينَ (114)

    يؤمنون بالله واليوم الآخر, ويأمرون بالخير كله, وينهون عن الشر كلِّه,
    ويبادرون إلى فعل الخيرات, وأولئك مِن عباد الله الصالحين.

    وَمَا يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ
    بِالْمُتَّقِينَ (115)

    وأيُّ عمل قلَّ أو كَثُر من أعمال الخير تعمله هذه الطائفة المؤمنة فلن يضيع
    عند الله, بل يُشكر لهم, ويجازون عليه. والله عليم بالمتقين الذين فعلوا
    الخيرات وابتعدوا عن المحرمات; ابتغاء رضوان الله, وطلبًا لثوابه.

    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الإثنين فبراير 23, 2009 9:54 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا
    أَوْلادُهُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
    فِيهَا خَالِدُونَ (116)

    إن الذين كفروا بآيات الله, وكذبوا رسله, لن تدفع عنهم أموالهم ولا أولادهم
    شيئًا من عذاب الله في الدنيا ولا في الآخرة, وأولئك أصحاب النار الملازمون
    لها, لا يخرجون منها.

    مَثَلُ
    مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا
    صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا
    ظَلَمَهُمْ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)

    مَثَلُ ما ينفق الكافرون في وجوه الخير في هذه الحياة الدنيا وما يؤملونه من
    ثواب, كمثل ريح فيها برد شديد هَبَّتْ على زرع قوم كانوا يرجون خيره, وبسبب
    ذنوبهم لم تُبْقِ الريح منه شيئًا. وهؤلاء الكافرون لا يجدون في الآخرة
    ثوابًا, وما ظلمهم الله بذلك, ولكنهم ظلموا أنفسهم بكفرهم وعصيانهم.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا
    يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتْ الْبَغْضَاءُ مِنْ
    أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمْ
    الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تتخذوا الكافرين أولياء
    من دون المؤمنين, تُطْلعونهم على أسراركم, فهؤلاء لا يَفْتُرون عن إفساد
    حالكم, وهم يفرحون بما يصيبكم من ضرر ومكروه, وقد ظهرت شدة البغض في كلامهم,
    وما تخفي صدورهم من العداوة لكم أكبر وأعظم. قد بيَّنَّا لكم البراهين
    والحجج, لتتعظوا وتحذروا, إن كنتم تعقلون عن الله مواعظه وأمره ونهيه.

    هَاأَنْتُمْ أُوْلاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ
    بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا
    عَضُّوا عَلَيْكُمْ الأَنَامِلَ مِنْ الغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ
    إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)

    ها هوذا الدليل على خطئكم في محبتهم, فأنتم تحبونهم وتحسنون إليهم, وهم لا
    يحبونكم ويحملون لكم العداوة والبغضاء, وأنتم تؤمنون بالكتب المنزلة كلها
    ومنها كتابهم, وهم لا يؤمنون بكتابكم, فكيف تحبونهم؟ وإذا لقوكم قالوا
    -نفاقًا- : آمنَّا وصدَّقْنا, وإذا خلا بعضهم إلى بعض بدا عليهم الغم والحزن,
    فعَضُّوا أطراف أصابعهم من شدة الغضب, لما يرون من ألفة المسلمين واجتماع
    كلمتهم, وإعزاز الإسلام, وإذلالهم به. قل لهم -أيها الرسول- : موتوا بشدة
    غضبكم. إن الله مطَّلِع على ما تخفي الصدور, وسيجازي كلا على ما قدَّم مِن
    خير أو شر.

    إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ
    يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ
    شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)

    ومن عداوة هؤلاء أنكم -أيها المؤمنون- إن نزل بكم أمرٌ حسن مِن نصر وغنيمة
    ظهرت عليهم الكآبة والحزن, وإن وقع بكم مكروه من هزيمة أو نقص في الأموال
    والأنفس والثمرات فرحوا بذلك, وإن تصبروا على ما أصابكم, وتتقوا الله فيما
    أمركم به ونهاكم عنه, لا يضركم أذى مكرهم. والله بجميع ما يعمل هؤلاء الكفار
    من الفساد محيط, وسيجازيهم على ذلك.

    وَإِذْ
    غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ
    وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)


    واذكر -أيها الرسول- حين خَرَجْتَ من بيتك لابسًا عُدَّة الحرب, تنظم صفوف
    أصحابك, وتُنْزِل كل واحد في منزله للقاء المشركين في غزوة "أُحُد". والله
    سميع لأقوالكم, عليم بأفعالكم .

    إِذْ هَمَّتْ
    طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ
    فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ (122)

    اذكر -أيها الرسول- ما كان من أمر بني سَلِمة وبني حارثة حين حدثتهم أنفسهم
    بالرجوع مع زعيمهم المنافق عبد الله بن أُبيٍّ; خوفًا من لقاء العدو, ولكن
    الله عصمهم وحفظهم, فساروا معك متوكلين على الله. وعلى الله وحده فليتوكل
    المؤمنون.

    وَلَقَدْ نَصَرَكُمْ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا
    اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)

    ولقد نصركم الله -أيها المؤمنون- بـ "بدر" على أعدائكم المشركين مع قلة
    عَدَدكم وعُدَدكم, فخافوا الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه; لعلكم تشكرون له
    نعمه.

    إِذْ
    تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ
    بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)

    اذكر -أيها الرسول- ما كان من أمر أصحابك في "بدر" حين شقَّ عليهم أن يأتي
    مَدَد للمشركين, فأوحينا إليك أن تقول لهم: ألن تكفيكم معونة ربكم بأن يمدكم
    بثلاثة آلاف من الملائكة مُنْزَلين من السماء إلى أرض المعركة, يثبتونكم,
    ويقاتلون معكم.

    بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا
    يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنْ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ
    (125)

    بلى يكفيكم هذا المَدَد. وبشارة أخرى لكم: إن تصبروا على لقاء العدو وتتقوا
    الله بفِعْل ما أمركم به واجتناب ما نهاكم عنه, ويأت كفار "مكة" على الفور
    مسرعين لقتالكم, يظنون أنهم يستأصلونكم, فإن الله يمدكم بخمسة آلاف من
    الملائكة مسوِّمين أي: قد أعلموا أنفسهم وخيولهم بعلامات واضحات.

    وَمَا
    جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ
    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)

    وما جعل الله هذا الإمداد بالملائكة إلا بشرى لكم يبشركم بها ولتطمئن قلوبكم,
    وتطيب بوعد الله لكم. وما النصر إلا من عند الله العزيز الذي لا يغالَب,
    الحكيم في تدبيره وفعله.

    لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ
    فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)

    وكان نصر الله لكم بـ "بدْر" ليهلك فريقًا من الكفار بالقتل, ومن نجا منهم من
    القتل رجع حزينًا قد ضاقت عليه نفسه, يَظْهر عليه الخزي والعار

    لَيْسَ
    لَكَ مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ
    فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)

    ليس لك -أيها الرسول- من أمر العباد شيء, بل الأمر كله لله تعالى وحده لا
    شريك له, ولعل بعض هؤلاء الذين قاتلوك تنشرح صدورهم للإسلام فيسلموا, فيتوب
    الله عليهم. ومن بقي على كفره يعذبه الله في الدنيا والآخرة بسبب ظلمه وبغيه.

    وَلِلَّهِ
    مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ
    وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)

    ولله وحده ما في السموات وما في الأرض, يغفر لمن يشاء من عباده برحمته, ويعذب
    من يشاء بعدله. والله غفور لذنوب عباده, رحيم بهم.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً
    مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)

    يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه احذروا الربا بجميع أنواعه,
    ولا تأخذوا في القرض زيادة على رؤوس أموالكم وإن قلَّت, فكيف إذا كانت هذه
    الزيادة تتضاعف كلما حان موعد سداد الدين؟ واتقوا الله بالتزام شرعه; لتفوزوا
    في الدنيا والآخرة.

    وَاتَّقُوا
    النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131)

    اجعلوا لأنفسكم وقاية بينكم وبين النار التي هُيِّئت للكافرين.

    وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)

    وأطيعوا الله -أيها المؤمنون- فيما أمركم به من الطاعات وفيما نهاكم عنه من
    أكل الربا وغيره من الأشياء, وأطيعوا الرسول; لترحموا, فلا تعذبوا .

    وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا
    السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)

    وبادروا بطاعتكم لله ورسوله لاغتنام مغفرة عظيمة من ربكم وجنة واسعة, عرضها
    السموات والأرض, أعدها الله للمتقين.

    الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ
    الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
    (134)

    الذين ينفقون أموالهم في اليسر والعسر, والذين يمسكون ما في أنفسهم من الغيظ
    بالصبر, وإذا قَدَروا عَفَوا عمَّن ظلمهم. وهذا هو الإحسان الذي يحب الله
    أصحابه.

    وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا
    اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ
    اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)

    والذين إذا ارتكبوا ذنبًا كبيرًا أو ظلموا أنفسهم بارتكاب ما دونه, ذكروا وعد
    الله ووعيده فلجأوا إلى ربهم تائبين, يطلبون منه أن يغفر لهم ذنوبهم, وهم
    موقنون أنه لا يغفر الذنرب إلا الله, فهم لذلك لا يقيمون على معصية, وهم
    يعلمون أنهم إن تابوا تاب الله عليهم .

    أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ
    تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
    (136)

    أولئك الموصوفون بتلك الصفات العظيمة جزاؤهم أن يستر الله ذنوبهم, ولهم جنات
    تجري من تحت أشجارها وقصورها المياه العذبة, خالدين فيها لا يخرجون منها
    أبدًا. ونِعْمَ أجر العاملين المغفرة والجنة.

    قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُروا
    كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)

    يخاطب الله المؤمنين لـمَّا أُصيبوا يوم "أُحد" تعزية لهم بأنه قد مضت من
    قبلكم أمم, ابتُلي المؤمنون منهم بقتال الكافرين فكانت العاقبة لهم, فسيروا
    في الأرض معتبرين بما آل إليه أمر أولئك المكذبين بالله ورسله.

    هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)

    هذا القرآن بيان وإرشاد إلى طريق الحق, وتذكير تخشع له قلوب المتقين, وهم
    الذين يخشون الله, وخُصُّوا بذلك; لأنهم هم المنتفعون به دون غيرهم.

    وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ
    مُؤْمِنِينَ (139)

    ولا تضْعُفوا -أيها المؤمنون- عن قتال عدوكم, ولا تحزنوا لما أصابكم في
    "أُحد", وأنتم الغالبون والعاقبة لكم, إن كنتم مصدقين بالله ورسوله متَّبعين
    شرعه.

    إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ
    الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ
    آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ
    (140)

    إن أصابتكم -أيها المؤمنون- جراح أو قتل في غزوة "أُحد" فحزنتم لذلك, فقد
    أصاب المشركين جراح وقتل مثل ذلك في غزوة "بدر". وتلك الأيام يُصَرِّفها الله
    بين الناس, نصر مرة وهزيمة أخرى, لما في ذلك من الحكمة, حتى يظهر ما علمه
    الله في الأزل ليميز الله المؤمن الصادق مِن غيره, ويُكْرِمَ أقوامًا منكم
    بالشهادة. والله لا يحب الذين ظلموا أنفسهم, وقعدوا عن القتال في سبيله.

    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الإثنين فبراير 23, 2009 10:01 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَلِيُمَحِّصَ
    اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)

    وهذه الهزيمة التي وقعت في "أُحد" كانت اختبارًا وتصفية للمؤمنين, وتخليصًا
    لهم من المنافقين وهلاكًا للكافرين.

    أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا
    يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ
    (142)

    يا أصحاب محمد -صلى الله عليه وسلم- أظننتم أن تدخلوا الجنة, ولم تُبْتَلوا
    بالقتال والشدائد؟ لا يحصل لكم دخولها حتى تُبْتلوا, ويعلم الله -علما ظاهرا
    للخلق- المجاهدين منكم في سبيله, والصابرين على مقاومة الأعداء.

    وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَتَمَنَّوْن الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ
    فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)

    ولقد كنتم -أيها المؤمنون- قبل غزوة "أُحد" تتمنون لقاء العدو; لتنالوا شرف
    الجهاد والاستشهاد في سبيل الله الذي حَظِي به إخوانكم في غزوة "بدر", فها هو
    ذا قد حصل لكم الذي تمنيتموه وطلبتموه, فدونكم فقاتلوا وصابروا.

    وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ
    قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى
    أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ
    شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)

    وما محمد إلا رسول من جنس الرسل الذين قبله يبلغ رسالة ربه. أفإن مات بانقضاء
    أجله أو قُتِل كما أشاعه الأعداء رجعتم عن دينكم,, تركتم ما جاءكم به نبيكم؟
    ومن يرجِعُ منكم عن دينه فلن يضر الله شيئًا, إنما يضر نفسه ضررًا عظيمًا.
    أما مَن ثبت على الإيمان وشكر ربه على نعمة الإسلام, فإن الله يجزيه أحسن
    الجزاء.

    وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَاباً
    مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ
    ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)

    لن يموت أحد إلا بإذن الله وقدره وحتى يستوفي المدة التي قدرها الله له
    كتابًا مؤجَّلا. ومن يطلب بعمله عَرَض الدنيا, نعطه ما قسمناه له من رزق, ولا
    حظَّ له في الآخرة, ومن يطلب بعمله الجزاء من الله في الآخرة نمنحه ما طلبه,
    ونؤته جزاءه وافرًا مع ما لَه في الدنيا من رزق مقسوم, فهذا قد شَكَرَنا
    بطاعته وجهاده, وسنجزي الشاكرين خيرًا.

    وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ
    كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا
    ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)

    كثير من الأنبياء السابقين قاتل معهم جموع كثيرة من أصحابهم, فما ضعفوا لِمَا
    نزل بهم من جروح أو قتل; لأن ذلك في سبيل ربهم, وما عَجَزوا, ولا خضعوا
    لعدوهم, إنما صبروا على ما أصابهم. والله يحب الصابرين.

    وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا
    ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا
    وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)

    وما كان قول هؤلاء الصابرين إلا أن قالوا: ربنا اغفر لنا ذنوبنا, وما وقع منا
    مِن تجاوزٍ في أمر ديننا, وثبِّت أقدامنا حتى لا نفرَّ من قتال عدونا,
    وانصرنا على مَن جحد وحدانيتك ونبوة أنبيائك.

    فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ
    يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)

    فأعطى الله أولئك الصابرين جزاءهم في الدنيا بالنصر على أعدائهم, وبالتمكين
    لهم في الأرض, وبالجزاء الحسن العظيم في الآخرة, وهو جنات النعيم. والله يحب
    كلَّ مَن أحسن عبادته لربه ومعاملته لخلقه .

    يَا أَيُّهَا
    الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى
    أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (149)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تطيعوا الذين جحدوا
    ألوهيتي, ولم يؤمنوا برسلي من اليهود والنصارى والمنافقين والمشركين فيما
    يأمرونكم به وينهونكم عنه, يضلوكم عن طريق الحق, وترتدُّوا عن دينكم, فتعودوا
    بالخسران المبين والهلاك المحقق.

    بَلْ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)

    إنهم لن ينصروكم, بل الله ناصركم, وهو خير ناصر, فلا يحتاج معه إلى نصرة أحد.

    سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا
    بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَمَأْوَاهُمْ النَّارُ
    وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)

    سنقذف في قلوب الذين كفروا أشدَّ الفزع والخوف بسبب إشراكهم بالله آلهة
    مزعومة, ليس لهم دليل أو برهان على استحقاقها للعبادة مع الله, فحالتهم في
    الدنيا: رعب وهلع من المؤمنين, أما مكانهم في الآخرة الذي يأوون إليه فهو
    النار; وذلك بسبب ظلمهم وعدوانهم, وساء هذا المقام مقامًا لهم.

    وَلَقَدْ صَدَقَكُمْ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى
    إِذَا فَشِلْتُمْ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ
    وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ
    يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ
    عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ
    عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)

    ولقد حقق الله لكم ما وعدكم به من نصر, حين كنتم تقتلون الكفار في غزوة
    "أُحد" بإذنه تعالى, حتى إذا جَبُنتم وضعفتم عن القتال واختلفتم: هل تبقون في
    مواقعكم أو تتركونها لجمع الغنانم مع مَن يجمعها؟ وعصيتم أمر رسولكم حين
    أمركم ألا تفارفوا أماكنكم بأي حال, حلَّت بكم الهزيمة من بعد ما أراكم ما
    تحبون من النصر, وتبيَّن أن منكم مَن يريد الغنائم, وأن منكم مَن يطلب الآخرة
    وثوابها, ثم صرف الله وجوهكم عن عدوكم; ليختبركم, وقد علم الله ندمكم وتوبتكم
    فعفا عنكم, والله ذو فضل عظيم على المؤمنين.

    إِذْ
    تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي
    أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا
    فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)

    اذكروا -يا أصحاب محمد- ما كان مِن أمركم حين أخذتم تصعدون الجبل هاربين من
    أعدائكم, ولا تلتفتون إلى أحد لِمَا اعتراكم من الدهشة والخوف والرعب, ورسول
    الله صلى الله عليه وسلم ثابت في الميدان يناديكم من خلفكم قائلا إليَّ عبادَ
    الله, وأنتم لا تسمعون ولا تنظرون, فكان جزاؤكم أن أنزل الله بكم ألمًا
    وضيقًا وغمًّا; لكي لا تحزنوا على ما فاتكم من نصر وغنيمة, ولا ما حلَّ بكم
    من خوف وهزيمة. والله خبير بجميع أعمالكم, لا يخفى عليه منها شيء .

    ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ
    بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ
    قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ
    الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنْ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ
    الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لا يُبْدُونَ لَكَ
    يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا
    قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ
    الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ
    وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ
    (154)

    ثم كان من رحمة الله بالمؤمنين المخلصين أن ألقى في قلوبهم من بعد ما نزل بها
    من همٍّ وغمٍّ اطمئنانًا وثقة في وعد الله, وكان من أثره نعاس غَشِي طائفة
    منهم, وهم أهل الإخلاص واليقين, وطائفة أُخرى أهمَّهم خلاص أنفسهم خاصة,
    وضَعُفَتْ عزيمتهم وشُغِلوا بأنفسهم, وأساؤوا الظن بربهم وبدينه وبنبيه,
    وظنوا أن الله لا يُتِمُّ أمر رسوله, وأن الإسلام لن نقوم له قائمة, ولذلك
    تراهم نادمين على خروجهم, يقول بعضهم لبعض: هل كان لنا من اختيار في الخروج
    للقتال؟ قل لهم -أيها الرسول- : إن الأمر كلَّه لله, فهو الذي قدَّر خروجكم
    وما حدث لكم, وهم يُخْفون في أنفسهم ما لا يظهرونه لك من الحسرة على خروجهم
    للقتال, يقولون: لو كان لنا أدنى اختيار ما قُتِلنا هاهنا. قل لهم: إن الآجال
    بيد الله, ولو كنتم في بيوتكم, وقدَّر الله أنكم تموتون, لخرج الذين كتب الله
    عليهم الموت إلى حيث يُقْتلون, وما جعل الله ذلك إلا ليختبر ما في صدوركم من
    الشك والنفاق, وليميز الخبيث من الطيب, ويظهر أمر المؤمن من المنافق للناس في
    الأقوال والأفعال. والله عليم بما في صدور خلقه, لا يخفى عليه شيء من أمورهم.

    إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا
    اسْتَزَلَّهُمْ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ
    عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)

    إن الذين فرُّوا منكم -يا أصحاب- محمد عن القتال يوم التقى المؤمنون
    والمشركون في غزوة "أُحد", إنما أوقعهم الشيطان في هذا الذنب ببعض ما عملوا
    من الذنوب, ولقد تجاوز الله عنهم فلم يعاقبهم. إن الله غفور للمذنبين
    التائبين, حليم لا يعاجل من عصاه بالعقوبة.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا
    كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الأَرْضِ
    أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا
    لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِ
    وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، لا تُشابهوا الكافرين الذين
    لا يؤمنون بربهم, فهم يقولون لإخوانهم من أهل الكفر إذا خرجوا يبحثون في أرض
    الله عن معاشهم أو كانوا مع الغزاة المقاتلين فماتوا أو قُتِلوا: لو لم يخرج
    هؤلاء ولم يقاتلوا وأقاموا معنا ما ماتوا وما قُتلوا. وهذا القول يزيدهم
    ألمًا وحزنًا وحسرة تستقر في قلوبهم, أما المؤمنون فإنهم يعلمون أن ذلك بقدر
    الله فيهدي الله قلوبهم, ويخفف عنهم المصيبة, والله يحيي مَن قدَّر له الحياة
    -وإن كان مسافرًا أو غازيًا- ويميت مَنِ انتهى أجله -وإن كان مقيمًا- والله
    بكل ما تعملونه بصير, فيجازيكم به.

    وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنْ
    اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)

    ولئن قُتِلتم -أيها المؤمنون- وأتم تجاهدون في سبيل الله أو متم في أثناء
    القتال, ليغفرن الله لكم ذنوبكم, وليرحمنكم رحمة من عنده, فتفوزون بجنات
    النعيم, وذلك خير من الدنيا وما يجمعه أهلها.

    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الإثنين فبراير 23, 2009 10:10 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَلَئِنْ
    مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإٍلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)

    ولئن انقضت آجالكم في هذه الحياة الدنيا, فمتم على فُرُشكم, أو قتلتم في ساحة
    القتال, لإلى الله وحده تُحشرون, فيجازيكم بأعمالكم.

    فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ
    الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ
    وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
    إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)

    فبرحمة من الله لك ولأصحابك -أيها النبي- منَّ الله عليك فكنت رفيقًا بهم,
    ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب, لانْصَرَفَ أصحابك من حولك, فلا تؤاخذهم
    بما كان منهم في غزوة "أُحد", واسأل الله -أيها النبي- أن يغفر لهم, وشاورهم
    في الأمور التي تحتاج إلى مشورة, فإذا عزمت على أمر من الأمور -بعد
    الاستشارة- فأَمْضِه معتمدًا على الله وحده, إن الله يحب المتوكلين عليه.

    إِنْ
    يَنْصُرْكُمْ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا
    الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ
    الْمُؤْمِنُونَ (160)

    إن يمددكم الله بنصره ومعونته فلا أحد يستطيع أن يغلبكم, وإن يخذلكم فمن هذا
    الذي يستطيع أن ينصركم من بعد خذلانه لكم؟ وعلى الله وحده فليتوكل المؤمنون.

    وَمَا
    كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ
    الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا
    يُظْلَمُونَ (161)

    وما كان لنبيٍّ أن يَخُونَ أصحابه بأن يأخذ شيئًا من الغنيمة غير ما اختصه
    الله به, ومن يفعل ذلك منكم يأت بما أخذه حاملا له يوم القيامة; ليُفضَح به
    في الموقف المشهود, ثم تُعطى كل نفس جزاءَ ما كسبت وافيًا غير منقوص دون ظلم.

    أَفَمَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنْ اللَّهِ
    وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)

    لا يستوي من كان قصده رضوان الله ومن هو مُكِبٌ على المعاصي, مسخط لربه,
    فاستحق بذلك سكن جهنم, وبئس المصير.

    هُمْ
    دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)

    أصحاب الجنة المتبعون لما يرضي الله متفاوتون في الدرجات, وأصحاب النار
    المتبعون لما يسخط الله متفاوتون في الدركات, لا يستوون. والله بصير بأعمالهم
    لا يخفى عليه منها شيء.

    لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً
    مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ
    وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي
    ضَلالٍ مُبِينٍ (164)

    لقد أنعم الله على المؤمنين من العرب; إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم, يتلو
    عليهم آيات القرآن, ويطهرهم من الشرك والأخلاق الفاسدة, ويعلمهم القرآن
    والسنة, وإن كانوا من قبل هذا الرسول لفي غيٍّ وجهل ظاهر.

    أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ
    أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
    شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)

    أولما أصابتكم -أيها المؤمنون- مصيبة, وهي ما أُصيب منكم يوم "أُحد" قد أصبتم
    مثليها من المشركين في يوم "بدْر", قلتم متعجبين: كيف يكون هذا ونحن مسلمون
    ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا وهؤلاء مشركون؟ قل لهم -أيها النبي- :
    هذا الذي أصابكم هو من عند أنفسكم بسبب مخالفتكم أمْرَ رسولكم وإقبالكم على
    جمع الغنائم. إن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد, لا معقِّب ‌‌‌‌‌لحكمه .

    وَمَا
    أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ
    الْمُؤْمِنِينَ (166)

    وما وقع بكم مِن جراح أو قتل في غزوة "أُحد" يوم التقى جَمْعُ المؤمنين وجمع
    المشركين فكان النصر للمؤمنين أولا ثم للمشركين ثانيًا, فذلك كله بقضاء الله
    وقدره, وليظهر ما علمه الله في الأزل؛ ليميز المؤمنين الصادقين منكم.

    وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي
    سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً
    لاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ
    يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
    بِمَا يَكْتُمُونَ (167)

    وليعلم المنافقين الذين كشف الله ما في قلوبهم حين قال المؤمنون لهم: تعالوا
    قاتلوا معنا في سبيل الله, أو كونوا عونًا لنا بتكثيركم سوادنا, فقالوا: لو
    نعلم أنكم تقاتلون أحدًا لكنا معكم عليهم, هم للكفر في هذا اليوم أقرب منهم
    للإيمان; لأنهم يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم. والله أعلم بما يُخفون في
    صدورهم.

    الَّذِينَ
    قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ
    فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمْ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)

    هؤلاء المنافقون هم الذين قعدوا وقالوا لإخوانهم الذين أصيبوا مع المسلمين في
    حربهم المشركين يوم "أُحد": لو أطاعَنا هؤلاء ما قتلوا. قل لهم -أيها الرسول-
    : فادفعوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين في دعواكم أنهم لو أطاعوكم ما
    قتلوا, وأنكم قد نجوتم منه بقعودكم عن القتال.

    وَلا
    تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ
    أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)

    ولا تظنَّنَّ -أيها النبي- أن الذين قتلوا في سبيل الله أموات لا يُحِسُّون
    شيئًا, بل هم أحياء حياة برزخية في جوار ربهم الذي جاهدوا من أجله, وماتوا في
    سبيله, يجري عليهم رزقهم في الجنة, ويُنعَّمون.

    فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ
    بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ
    عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)

    لقد عَمَّتهم السعادة حين مَنَّ الله عليهم, فأعطاهم مِن عظيم جوده وواسع
    كرمه من النعيم والرضا ما تَقَرُّ به أعينهم, وهم يفرحون بإخوانهم المجاهدين
    الذين فارقوهم وهم أحياء; ليفوزوا كما فازوا, لِعِلْمِهم أنهم سينالون من
    الخير الذي نالوه, إذا استشهدوا في سبيل الله مخلصين له, وأن لا خوف عليهم
    فيما يستقبلون من أمور الآخرة, ولا هم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.

    يَسْتَبْشِرُونَ
    بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ
    الْمُؤْمِنِينَ (171)

    وإنهم في فرحة غامرة بما أُعطوا من نعم الله وجزيل عطائه, وأن الله لا يضيع
    أجر المؤمنين به, بل ينمِّيه ويزيده من فضله.

    الَّذِينَ
    اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ
    لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)

    الذين لبُّوا نداء الله ورسوله وخرجوا في أعقاب المشركين إلى "حمراء الأسد"
    بعد هزيمتهم في غزوة "أُحد" مع ما كان بهم من آلام وجراح, وبذلوا غاية جهدهم,
    والتزموا بهدي نبيهم, للمحسنين منهم والمتقين ثواب عظيم.

    الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ
    فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ
    الْوَكِيلُ (173)

    وهم الذين قال لهم بعض المشركين: إن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا أمرهم على
    الرجوع إليكم لاستئصالكم, فاحذروهم واتقوا لقاءهم, فإنه لا طاقة لكم بهم,
    فزادهم ذلك التخويف يقينًا وتصديقًا بوعد الله لهم, ولم يَثْنِهم ذلك عن
    عزمهم, فساروا إلى حيث شاء الله, وقالوا: حسبنا الله أي: كافينا, ونِعْم
    الوكيل المفوَّض إليه تدبير عباده.

    فَانْقَلَبُوا
    بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا
    رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)

    فرجعوا من "حمراء الأسد" إلى "المدينة" بنعمة من الله بالثواب الجزيل وبفضل
    منه بالمنزلة العالية, وقد ازدادوا إيمانًا ويقينًا, وأذلوا أعداء الله,
    وفازوا بالسلامة من القتل والقتال, واتبعوا رضوان الله بطاعتهم له ولرسوله.
    والله ذو فضل عظيم عليهم وعلى غيرهم.

    إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ
    وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)

    إنَّما المثبِّط لكم في ذلك هو الشيطان جاءكم يخوِّفكم أنصاره, فلا تخافوا
    المشركين; لأنّهم ضعاف لا ناصر لهم, وخافوني بالإقبال على طاعتي إن كنتم
    مصدِّقين بي, ومتبعين رسولي.

    وَلا
    يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا
    اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي
    الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوْا
    الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذَابٌ
    أَلِيمٌ (177)

    لا يُدْخِل الحزنَ إلى قلبك -أيها الرسول- هؤلاء الكفارُ بمسارعتهم في الجحود
    والضلال, إنهم بذلك لن يضروا الله, إنما يضرون أنفسهم بحرمانها حلاوة الإيمان
    وعظيم الثواب, يريد الله ألا يجعل لهم ثوابًا في الآخرة; لأنهم انصرفوا عن
    دعوة الحق, ولهم عذاب شديد ، إن الذين استبدلوا الكفر بالإيمان لن يضروا الله
    شيئًا, بل ضرر فِعْلِهم يعود على أنفسهم, ولهم في الآخرة عذاب موجع.

    وَلا
    يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ
    لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ
    عَذَابٌ مُهِينٌ (178)

    ولا يظننَّ الجاحدون أننا إذا أَطَلْنا أعمارهم, ومتعناهم بمُتع الدنيا, ولم
    تؤاخذهم بكفرهم وذنوبهم, أنهم قد نالوا بذلك خيرًا لأنفسهم, إنما نؤخر عذابهم
    وآجالهم; ليزدادوا ظلمًا وطغيانًا, ولهم عذاب يهينهم ويذلُّهم.

    مَا
    كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى
    يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنْ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ
    عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ
    فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ
    أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)

    ما كان الله ليَدَعَكم أيها المصدقون بالله ورسوله العاملون بشرعه على ما
    أنتم عليه من التباس المؤمن منكم بالمنافق حتى يَمِيزَ الخبيث من الطيب,
    فيُعرف المنافق من المؤمن الصادق. وما كان مِن حكمة الله أن يطلعكم -أيها
    المؤمنون- على الغيب الذي يعلمه من عباده, فتعرفوا المؤمن منهم من المنافق,
    ولكنه يميزهم بالمحن والابتلاء, غير أن الله تعالى يصطفي من رسله مَن يشاء؛
    ليطلعه على بعض علم الغيب بوحي منه, فآمنوا بالله ورسوله, وإن تؤمنوا إيمانًا
    صادقًا وتتقوا ربكم بطاعته, فلكم أجر عظيم عند الله.

    وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ
    فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا
    بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَوَاتِ
    وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)

    ولا يظنن الذين يبخلون بما أنعم الله به عليهم تفضلا منه أن هذا البخل خير
    لهم, بل هو شرٌّ لهم; لأن هذا المال الذي جمعوه سيكون طوقًا من نار يوضع في
    أعناقهم يوم القيامة. والله سبحانه وتعالى هو مالك الملك, وهو الباقي بعد
    فناء جميع خلقه, وهو خبير بأعمالكم جميعها, وسيجازي كلا على قدر استحقاقه .

    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الثلاثاء فبراير 24, 2009 8:35 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ
    الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ
    مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا
    عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)

    لقد سمع الله قول اليهود الذين قالوا: إن الله فقير إلينا يطلب منا أن نقرضه
    أموالا ونحن أغنياء. سنكتب هذا القول الذي قالوه, وسنكتب أنهم راضون بما كان
    مِن قَتْل آبائهم لأنبياء الله ظلمًا وعدوانًا, وسوف نؤاخذهم بذلك في الآخرة,
    ونقول لهم وهم في النار يعذبون: ذوقوا عذاب النار المحرقة.

    ذَلِكَ
    بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ
    (182)

    ذلك العذاب الشديد بسبب ما قدَّمتموه في حياتكم الدنيا من المعاصي القولية
    والفعلية والاعتقادية, وأن الله ليس بظلام للعببد.

    الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ
    لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ
    جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ
    قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)

    هؤلاء اليهود حين دُعُوا إلى الإسلام قالوا: إن الله أوصانا في التوراة ألا
    نصدِّق مَن جاءنا يقول: إنه رسول من الله, حتى يأتينا بصدقة يتقرب بها إلى
    الله, فتنزل نار من السماء فتحرقها. قل لهم -أيها الرسول- : أنتم كاذبون في
    قولكم; لأنه قد جاء آباءكم رسلٌ من قِبلي بالمعجزات والدلائل على صدقهم,
    وبالذي قلتم من الإتيان بالقربان الذي تأكله النار, فَلِمَ قَتَل آباؤكم
    هؤلاء الأنبياء إن كنتم صادقين في دعواكم؟

    فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا
    بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)

    فإن كذَّبك -أيها الرسول- هؤلاء اليهود وغيرهم من أهل الكفر, فقد كذَّب
    المبطلون كثيرًا من المرسلين مِن قبلك, جاءوا أقوامهم بالمعجزات الباهرات
    والحجج الواضحات, والكتب السماوية التي هي نور يكشف الظلمات, والكتابِ
    البيِّن الواضح.

    كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ
    يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ
    فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)

    كل نفس لا بدَّ أن تذوق الموت, وبهذا يرجع جميع الخلق إلى ربهم; ليحاسبهم.
    وإنما تُوفَّون أجوركم على أعمالكم وافية غير منقوصة يوم القيامة, فمن أكرمه
    ربه ونجَّاه من النار وأدخله الجنة فقد نال غاية ما يطلب. وما الحياة الدنيا
    إلا متعة زائلة, فلا تغترُّوا بها.

    لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنْ
    الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا
    أَذًى كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ
    الأُمُورِ (186)

    لَتُخْتَبَرُنَّ -أيها المؤمنون- في أموالكم بإخراج النفقات الواجبة
    والمستحبَّة, وبالجوائح التي تصيبها, وفي أنفسكم بما يجب عليكم من الطاعات,
    وما يحلُّ بكم من جراح أو قتل وفَقْد للأحباب, وذلك حتى يتميَّز المؤمن
    الصادق من غيره. ولتَسمعُنَّ من اليهود والنصارى والمشركين ما يؤذي أسماعكم
    من ألفاظ الشرك والطعن في دينكم. وإن تصبروا -أيها المؤمنون- على ذلك كله,
    وتتقوا الله بلزوم طاعته واجتناب معصيته, فإن ذلك من الأمور التي يُعزم
    عليها, وينافس فيها .

    وَإِذْ أَخَذَ
    اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ
    وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ
    ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)

    واذكر -أيها الرسول- إذ أخذ الله العهد الموثق على الذين آتاهم الله الكتاب
    من اليهود والنصارى, فلليهود التوراة وللنصارى الإنجيل; ليعملوا بهما,
    ويبينوا للناس ما فيهما, ولا يكتموا ذلك ولا يخفوه, فتركوا العهد ولم يلتزموا
    به, وأخذوا ثمنا بخسًا مقابل كتمانهم الحق وتحريفهم الكتاب, فبئس الشراء
    يشترون, في تضييعهم الميثاق, وتبديلهم الكتاب.

    لا
    تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ
    يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ
    الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)

    ولا تظنن الذين يفرحون بما أَتَوا من أفعال قبيحة كاليهود والمنافقين وغيرهم,
    ويحبون أن يثني عليهم الناس بما لم يفعلوا, فلا تظنهم ناجين من عذاب الله في
    الدنيا, ولهم في الآخرة عذاب موجع. وفي الآية وعيد شديد لكل آت لفعل السوء
    معجب به, ولكل مفتخر بما لم يعمل, ليُثنيَ عليه الناس ويحمدوه.

    وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
    قَدِيرٌ (189)

    ولله وحده ملك السموات والأرض وما فيهما, والله على كل شيء قدير.

    إِنَّ
    فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ
    لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ (190)

    إن في خلق السموات والأرض على غير مثال سابق, وفي تعاقُب الليل والنهار,
    واختلافهما طولا وقِصَرًا لدلائل وبراهين عظيمة على وحدانية الله لأصحاب
    العقول السليمة.

    الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ
    وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ
    هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)

    الذين يذكرون الله في جميع أحوالهم: قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم, وهم يتدبرون
    في خلق السموات والأرض, قائلين: يا ربنا ما أوجدت هذا الخلق عبثًا, فأنت
    منزَّه عن ذلك, فاصْرِف عنا عذاب النار.

    رَبَّنَا
    إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلْ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ
    مِنْ أَنْصَارٍ (192)

    يا ربنا نجِّنا من النار, فإنك -يا ألله- مَن تُدخِلْه النار بذنوبه فقد
    فضحته وأهنته, وما للمذنبين الظالمين لأنفسهم من أحد يدفع عنهم عقاب الله يوم
    القيامة.

    رَبَّنَا
    إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا
    بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا
    سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأَبْرَارِ (193)

    يا ربنا إننا سمعنا مناديا -هو نبيك محمد صلى الله عليه وسلم- ينادي الناس
    للتصديق بك, والإقرار بوحدانيتك, والعمل بشرعك, فأجبنا دعوته وصدَّقنا
    رسالته, فاغفر لنا ذنوبنا, واستر عيوبنا, وألحقنا بالصالحين.

    رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ
    الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)

    يا ربنا أعطنا ما وعدتنا على ألسنة رسلك من نصر وتمكين وتوفيق وهداية, ولا
    تفضحنا بذنوبنا يوم القيامة, فإنك كريم لا تُخْلف وعدًا وَعَدْتَ به عبادك.

    فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ
    مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا
    وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا
    وَقُتِلُوا لأكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ
    تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ
    عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)

    فأجاب الله دعاءهم بأنه لا يضيع جهد مَن عمل منهم عملا صالحًا ذكرًا كان أو
    أنثى, وهم في أُخُوَّة الدين وقَبول الأعمال والجزاء عليها سواء, فالذين
    هاجروا رغبةً في رضا الله تعالى, وأُخرجوا من ديارهم, وأوذوا في طاعة ربهم
    وعبادتهم إيّاه, وقاتلوا وقُتِلوا في سبيل الله لإعلاء كلمته, ليسترنَّ الله
    عليهم ما ارتكبوه من المعاصي, كما سترها عليهم في الدنيا, فلا يحاسبهم عليها,
    وليدخلنَّهم جنات تجري من تحت قصورها وأشجارها الأنهار جزاء من عند الله,
    والله عنده حسن الثواب.

    لا
    يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196)

    لا تغتر -أيها الرسول- بما عليه أهل الكفر بالله من بسطة في العيش, وسَعَة في
    الرزق, وانتقالهم من مكان إلى مكان للتجارات وطلب الأرباح والأموال, فعمَّا
    قليل يزول هذا كلُّه عنهم, ويصبحون مرتهنين بأعمالهم السيئة.

    مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)

    متاع قليل زائل, ثم يكون مصيرهم يوم القيامة إلى النار, وبئس الفراش.

    لَكِنْ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ
    تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا
    عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلأَبْرَارِ (198)

    لكن الذين خافوا ربهم, وامتثلوا أوامره, واجتنبوا نواهيه, قد أعدَّ الله لهم
    جنات تجري من تحت أشجارها الأنهار, هي منزلهم الدائم لا يخرجون منه. وما عد
    الله أعظم وأفضل لأهل الطاعة مما يتقلب فيه الذين كفروا من نعيم الدنيا.

    وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ
    إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ
    بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ
    رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)

    وإن بعضًا من أهل الكتاب لَيصدِّق بالله ربًّا واحدًا وإلهًا معبودًا, وبما
    أُنزِل إليكم من هذا القرآن, وبما أُنزِل إليهم من التوراة والإنجيل متذللين
    لله, خاضعين له, لا يشترون بآيات الله ثمنًا قليلا من حطام الدنيا, ولا
    يكتمون ما أنزل الله, ولا يحرفونه كغيرهم من اهل الكتاب. أولئك لهم ثواب عظيم
    عنده يوم يلقونه, فيوفيهم إياه غير منقوص. إنَّ الله سريع الحساب, لا يعجزه
    إحصاء أعمالهم, ومحاسبتهم عليها.

    يَا
    أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا
    اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه اصبروا على طاعة ربكم, وعلى
    ما ينزل بكم من ضر وبلاء, وصابروا أعداءكم حتى لا يكونوا أشد صبرًا منكم,
    وأقيموا على جهاد عدوي وعدوكم, وخافوا الله في جميع أحوالكم; رجاء أن تفوزوا
    برضاه في الدنيا والآخرة


    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الثلاثاء فبراير 24, 2009 10:42 pm

    :oops:

    ورجعتلكم
    وهنبلش بسورة النساء

    بِسْمِ اللهِ
    الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

    يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ
    وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً
    وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ
    إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)

    يا أيها الناس خافوا الله والتزموا أوامره, واجتنبوا نواهيه; فهو الذي خلقكم
    من نفس واحدة هي آدم عليه السلام, وخلق منها زوجها وهي حواء, ونشر منهما في
    أنحاء الأرض رجالا كثيرًا ونساء كثيرات, وراقبوا الله الذي يَسْأل به بعضكم
    بعضًا, واحذروا أن تقطعوا أرحامكم. إن الله مراقب لجميع أحوالكم.

    وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ
    بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ
    كَانَ حُوباً كَبِيراً (2)

    وأعطوا مَن مات آباؤهم وهم دون البلوغ, وكنتم عليهم أوصياء, أموالهم إذا
    وصلوا سن البلوغ, ورأيتم منهم قدرة على حفظ أموالهم, ولا تأخذوا الجيِّد من
    أموالهم, وتجعلوا مكانه الرديء من أموالكم, ولا تخلطوا أموالهم بأموالكم;
    لتحتالوا بذلك على أكل أموالهم. إن من تجرأ على ذلك فقد ارتكب إثمًا عظيمًا.

    وَإِنْ
    خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ
    مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ
    تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى
    أَلاَّ تَعُولُوا (3)

    وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت أيديكم بأن لا تعطوهن مهورهن
    كغيرهن, فاتركوهن وانكحوا ما طاب لكم من النساء من غيرهن: اثنتين أو ثلاثًا
    أو أربعًا, فإن خشيتم ألا تعدلوا بينهن فاكتفوا بواحدة, أو بما عندكم من
    الإماء. ذلك الذي شرعته لكم في اليتيمات والزواج من واحدة إلى أربع, أو
    الاقتصار على واحدة أو ملك اليمين, أقرب إلى عدم الجَوْرِ والتعدي.

    وَآتُوا
    النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ
    نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4)

    وأعطوا النساء مهورهن, عطية واجبة وفريضة لازمة عن طيب نفس منكم. فإن طابت
    أنفسهن لكم عن شيء من المهر فوهَبْنه لكم فخذوه, وتصرَّفوا فيه, فهو حلال
    طيب.

    وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ
    قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً
    مَعْرُوفاً (5)

    ولا تؤتوا -أيها الأولياء- من يُبَذِّر من الرجال والنساء والصبيان أموالهم
    التي تحت أيديكم فيضعوها في غير وجهها, فهذه الأموال هي التي عليها قيام حياة
    الناس, وأنفقوا عليهم منها واكسوهم, وقولوا لهم قولا معروفًا من الكلام الطيب
    والخلق الحسن.

    وَابْتَلُوا
    الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ
    رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً
    وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ
    كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ
    أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (6)

    واختبروا مَن تحت أيديكم من اليتامى لمعرفة قدرتهم على حسن التصرت في
    أموالهم, حتى إذا وصلوا إلى سن البلوغ, وعَلمتم منهم صلاحًا في دينهم, وقدرة
    على حفظ أموالهم, فسلِّموها لهم, ولا تعتدوا عليها بإنفاقها في غير موضعها
    إسرافًا ومبادرة لأكلها قبل أن يأخذوها منكم. ومَن كان صاحب مال منكم
    فليستعفف بغناه, ولا يأخذ من مال اليتيم شيئًا, ومن كان فقيرًا فليأخذ بقدر
    حاجته عند الضرورة. فإذا علمتم أنهم قادرون على حفظ أموالهم بعد بلوغهم
    الحُلُم وسلمتموها إليهم, فأَشْهِدوا عليهم; ضمانًا لوصول حقهم كاملا إليهم;
    لئلا ينكروا ذلك. ويكفيكم أن الله شاهد عليكم, ومحاسب لكم على ما فعلتم.

    لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ
    وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا
    قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7)

    للذكور -صغارًا أو كبارًا- نصيب +شرعه الله فيما تركه الوالدان والأقربون من
    المال, قليلا كان أو كثيرًا, في أنصبة محددة واضحة فرضها الله عز وجل لهؤلاء,
    وللنساء كذلك.

    وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُوا الْقُرْبَى
    وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ
    قَوْلاً مَعْرُوفاً (8

    وإذا حضر قسمةَ الميراث أقاربُ الميت ممن لا حقَّ لهم في التركة, أو حضرها من
    مات آباؤهم وهم صغار, أو مَن لا مال لهم فأعطوهم شيئًا من المال على وجه
    الاستحباب قبل تقسيم التركة على أصحابها, وقولوا لهم قولا حسنًا غير فاحش ولا
    قبيح.

    وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ
    ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا
    قَوْلاً سَدِيداً (9)

    ولْيَخَفِ الذين لو ماتوا وتركوا من خلفهم أبناء صغارًا ضعافًا خافوا عليهم
    الظلم والضياع, فليراقبوا الله فيمن تحت أيديهم من اليتامى وغيرهم, وذلك بحفظ
    أموالهم, وحسن تربيتهم, ودَفْع الأذى عنهم, وليقولوا لهم قولا موافقا للعدل
    والمعروف.

    إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى
    ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ
    سَعِيراً (10)

    إن الذين يعْتَدون على أموال اليتامى, فيأخذونها بغير حق, إنما يأكلون نارًا
    تتأجّج في بطونهم يوم القيامة, وسيدخلون نارا يقاسون حرَّها.

    يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ
    مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ
    فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ
    وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ
    لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ
    الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ
    وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ
    أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ
    كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (11)

    يوصيكم الله ويأمركم في شأن أولادكم: إذا مات أحد منكم وترك أولادًا: ذكورًا
    وإناثًا, فميراثه كله لهم: للذكر مثل نصيب الأنثيين, إذا لم يكن هناك وارث
    غيرهم. فإن ترك بنات فقط فللبنتين فأكثر ثلثا ما ترك, وإن كانت ابنة واحدة,
    فلها النصف. ولوالِدَي الميت لكل واحد منهما السدس إن كان له ولد: ذكرًا كان
    أو أنثى, واحدًا أو أكثر. فإن لم يكن له ولد وورثه والداه فلأمه الثلث ولأبيه
    الباقي. فإن كان للميت إخوة اثنان فأكثر, ذكورًا كانوا أو إناثًا, فلأمه
    السدس, وللأب الباقي ولا شيء للإخوة. وهذا التقسيم للتركة إنما يكون بعد
    إخراج وصية الميت في حدود الثلث أو إخراج ما عليه من دَيْن. آباؤكم وأبْناؤكم
    الذين فُرِض لهم الإرث لا تعرفون أيهم أقرب لكم نفعًا في دنياكم وأخراكم, فلا
    تفضلوا واحدًا منهم على الآخر. هذا الذي أوصيتكم به مفروض عليكم من الله. إن
    الله كان عليمًا بخلقه, حكيمًا فيما شرعه لهم.

    وَلَكُمْ نِصْفُ
    مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ
    لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ
    يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ
    يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا
    تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ
    رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ
    وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ
    شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ
    غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)

    ولكم -أيها الرجال- نصف ما ترك أزواجكم بعد وفاتهن إن لم يكن لهن ولد ذكرًا
    كان أو أنثى, فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن, ترثونه من بعد إنفاذ
    وصيتهن الجائزة, أو ما يكون عليهن من دَيْن لمستحقيه. ولأزواجكم - أيها
    الرجال - الربع مما تركتم, إن لم يكن لكم ابن أو ابنة منهن أو من غيرهن, فإن
    كان لكم ابن أو ابنة فلهن الثمن مما تركتم, يقسم الربع أو الثمن بينهن, فإن
    كانت زوجة واحدة كان هذا ميراثًا لها, من بعد إنفاذ ما كنتم أوصيتم به من
    الوصايا الجائزة, أو قضاء ما يكون عليكم من دَيْن. وإن مات رجل أو امراة وليس
    له أو لها ولد ولا والد, وله أو لها أخ أو أخت من أم فلكل واحد منهما السدس.
    فإن كان الإخوة أو الأخوات لأم أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث يقسم بينهم
    بالسوية لا فرق بين الذكر والأنثى, وهذا الذي فرضه الله للإخوة والأخوات لأم
    يأخذونه ميراثًا لهم من بعد قضاء ديون الميت, وإنفاذ وصيته إن كان قد أوصى
    بشيء لا ضرر فيه على الورثة. بهذا أوصاكم ربكم وصية نافعة لكم. والله عليم
    بما يصلح خلقه, حليم لا يعاجلهم بالعقوبة.

    تِلْكَ
    حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ
    تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ
    الْعَظِيمُ (13)

    تلك الأحكام الإلهية التي شرعها الله في اليتامى والنساء والمواريث, شرائعه
    الدالة على أنها مِن عند الله العلبم الحكيم. ومَن يطع الله ورسوله فيما شرع
    لعباده من هذه الأحكام وغيرها, يدخله جنات كثيرة الأشجار والقصور, تجري من
    تحتها الأنهار بمياهها العذبة, وهم باقون في هذا النعيم, لا يخرجون منه, وذلك
    الثواب هو الفلاح العظيم.

    وَمَنْ
    يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً
    خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)

    ومَن يَعْصِ الله ورسوله, بإنكاره لأحكام الله, وتجاوزه ما شرعه الله لعباده
    بتغييرها, أو تعطيل العمل بها, يدخله نارًا ماكثًا فيها, وله عذاب يخزيه
    ويهينه.

    وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا
    عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي
    الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ
    سَبِيلاً (15)

    واللاتي يزنين من نسائكم, فاستشهدوا -أيها الولاة والقضاة- عليهن أربعة رجال
    عدول من المسلمين, فإن شهدوا عليهن بذلك فاحبسوهن في البيوت حتى تنتهي حياتهن
    بالموت, أو يجعل الله لهن طريقًا للخلاص من ذلك.

    وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا
    وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَحِيماً
    (16)

    واللذان يقعان في فاحشة الزنى, فآذُوهما بالضرب والهجر والتوبيخ, فإن تابا
    عمَّا وقع منهما وأصلحا بما يقدِّمان من الأعمال الصالحة فاصفحوا عن أذاهما.
    ويستفاد من هذه الآية والتي قبلها أن الرجال إذا فعلوا الفاحشة يُؤْذَوْن,
    والنساء يُحْبَسْنَ ويُؤذَيْنَ, فالحبس غايتة الموت, والأذية نهايتها إلى
    التوبة والصلاح. وكان هذا في صدر الإسلام, ثم نُسخ بما شرع الله ورسوله, وهو
    الرجم للمحصن والمحصنة, وهما الحران البالغان العاقلان, اللذان جامعا في نكاح
    صحيح, والجلدُ مائة جلدة, وتغريب عام لغيرهما. إن الله كان توابا على عباده
    التائبين, رحيمًا بهم.

    إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ
    بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ
    عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17)

    إنَّما يقبل الله التوبة من الذين يرتكبون المعاصي والذنوب بجهل منهم
    لعاقبتها, وإيجابها لسخط الله -فكل عاص لله مخطئًا أو متعمِّدًا فهو جاهل
    بهذا الاعتبار, وإن كان عالمًا بالتحريم -ثم يرجعون إلى ربهم بالإنابة
    والطاعة قبل معاينة الموت, فأولئك يقبل الله توبتهم. وكان الله عليمًا بخلقه,
    حكيمًا في تدبيره وتقديره.

    وَلَيْسَتْ
    التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ
    أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ
    وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً (18

    وليس قَبول التوبة للذين يُصِرُّون على ارتكاب المعاصي, ولا يرجعون إلى ربهم
    إلى أن تأتيهم سكرات الموت, فيقول أحدهم: إني تبت الآن, كما لا تُقبل توبة
    الذين يموتون وهم جاحدون, منكرون لوحدانية الله ورسالة رسوله محمد صلى الله
    عليه وسلم. أولئك المصرُّون على المعاصي إلى أن ماتوا, والجاحدون الذين
    يموتون وهم كفار, أعتدنا لهم عذابًا موجعًا.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ
    كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ
    إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ
    بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً
    وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)

    يا أيها الذين آمنوا لا يجوز لكم أن تجعلوا نساء آبائكم من جملة تَرِكتهم,
    تتصرفون فيهن بالزواج منهن, أو المنع لهن, أو تزويجهن للآخرين, وهن كارهات
    لذلك كله, ولا يجوز لكم أن تصارُّوا أزواجكم وأنتم كارهون لهن; ليتنازلن عن
    بعض ما آتيتموهن من مهر ونحوه, إلا أن يرتكبن أمرا فاحشا كالزنى, فلكم حيننذ
    إمساكهن حتى تأخذوا ما أعطيتموهن. ولتكن مصاحبتكم لنسائكم مبنية على التكريم
    والمحبة, وأداء ما لهن من حقوق. فإن كرهتموهن لسبب من الأسباب الدنيوية
    فاصبروا; فعسى أن تكرهوا أمرًا من الأمور ويكون فيه خير كثير .


    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الجمعة فبراير 27, 2009 7:30 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَإِنْ أَرَدْتُمْ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ
    إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ
    بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20)

    وإن أردتم استبدال زوجة مكان أخرى, وكنتم قد أعطيتم مَن تريدون طلاقها مالا
    كثيرًا مهرًا لها, فلا يحل لكم أن تأخذوا منه شيئًا, أتأخذونه كذبًا وافتراءً
    واضحًا؟

    وَكَيْفَ
    تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ
    مِيثَاقاً غَلِيظاً (21)

    وكيف يحلُّ لكم أن تأخذوا ما أعطيتموهن من مهر, وقد استمتع كل منكما بالآخر
    بالجماع, وأخَذْنَ منكم ميثاقًا غليظًا من إمساكهن بمعروف أو تسريحهن بإحسان؟

    وَلا
    تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ
    إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتاً وَسَاءَ سَبِيلاً (22)

    ولا تتزوجوا مَن تزوجه آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف منكم ومضى في الجاهلية
    فلا مؤاخذة فيه. إن زواج الأبناء من زوجات آبائهم أمر قبيح يفحش ويعظم قبحه,
    وبغيض يمقت الله فاعله, وبئس طريقًا ومنهجًا ما كنتم تفعلونه في جاهليتكم.

    حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ
    وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ
    وَأُمَّهَاتُكُمْ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنْ
    الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمْ اللاَّتِي فِي
    حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ
    تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ
    أَبْنَائِكُمْ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ
    الأُخْتَيْنِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً
    (23)

    حرَّم الله عليكم نكاح أمهاتكم, ويدخل في ذلك الجدَّات مِن جهة الأب أو الأم,
    وبناتكم: ويشمل بنات الأولاد وإن نزلن, وأخواتكم الشقيقات أو لأب أو لأم,
    وعماتكم: أخوات آبائكم وأجدادكم, وخالاتكم: أخوات أمهاتكم وجداتكم, وبنات
    الأخ, وبنات الأخت: ويدخل في ذلك أولادهن, وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم, وأخواتكم
    من الرضاعة -وقد حرَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاع ما يحرم من
    النسب- وأمهات نسائكم, سواء دخلتم بنسائكم, أم لم تدخلوا بهن, وبنات نسائكم
    من غيركم اللاتي يتربَّيْنَ غالبًا في بيوتكم وتحت رعايتكم, وهن مُحرَّمَات
    فإن لم يكنَّ في حجوركم, ولكن بشرط الدخول بأمهاتهن, فإن لم تكونوا دخلتم
    بأمهاتهن وطلقتموهن أو متْنَ قبل الدخول فلا جناح عليكم أن تنكحوهن, كما
    حرَّم الله عليكم أن تنكحوا زوجات أبنائكم الذين من أصلابكم, ومن أُلحق بهم
    مِن أبنائكم من الرضاع, وهذا التحريم يكون بالعقد عليها, دخل الابن بها أم لم
    يدخل, وحرَّم عليكم كذلك الجمع في وقت واحد بين الأختين بنسب أو رضاع إلا ما
    قد سلف ومضى منكم في الجاهلية. ولا يجوز كذلك الجمع بين المرأة وعمتها أو
    خالتها كما جاء في السنة. إن الله كان غفورًا للمذنبين إذا تابوا, رحيمًا
    بهم, فلا يكلفهم ما لا يطيقون .

    وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ
    اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا
    بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ
    مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ
    فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ
    عَلِيماً حَكِيماً (24)

    ويحرم عليكم نكاح المتزوجات من النساء, إلا مَنْ سَبَيْتُم منهن في الجهاد,
    فإنه يحل لكم نكاحهن, بعد استبراء أرحامهن بحيضة, كتب الله عليكم تحريم نكاح
    هؤلاء, وأجاز لكم نكاح مَن سواهن, ممَّا أحله الله لكم أن تطلبوا بأموالكم
    العفة عن اقتراف الحرام. فما استمتعتم به منهن بالنكاح الصحيح, فأعطوهن
    مهورهن, التي فرض الله لهن عليكم, ولا إثم عليكم فيما تمَّ التراضي به بينكم,
    من الزيادة أو النقصان في المهر, بعد ثبوت الفريضة. إن الله تعالى كان عليمًا
    بأمور عباده, حكيما في أحكامه وتدبيره.

    وَمَنْ
    لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ
    الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمْ
    الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ
    فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ
    مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا
    أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى
    الْمُحْصَنَاتِ مِنْ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ
    وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)

    ومن لا قدرة له على مهور الحرائر المؤمنات, فله أن ينكح غيرهن, من فتياتكم
    المؤمنات المملوكات. والله تعالى هو العليم بحقيقة إيمانكم, بعضكم من بعض,
    فتزوجوهن بموافقة أهلهن, وأعطوهن مهورهن على ما تراضيتم به عن طيب نفس منكم,
    متعففات عن الحرام, غير مجاهرات بالزنى, ولا مسرات به باتخاذ أخلاء, فإذا
    تزوجن وأتين بفاحشة الزنى فعليهن من الحدِّ نصف ما على الحرائر. ذلك الذي
    أبيح مِن نكاح الإماء بالصفة المتقدمة إنما أبيح لمن خاف على نفسه الوقوع في
    الزنى, وشق عليه الصبر عن الجماع, والصبر عن نكاح الإماء مع العفة أولى
    وأفضل. والله تعالى غفور لكم, رحيم بكم إذ أذن لكم في نكاحهن عند العجز عن
    نكاح الحرائر.

    يُرِيدُ
    اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
    وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)

    يريد الله تعالى بهذه التشريعات, أن يوضح لكم معالم دينه القويم, وشرعه
    الحكيم, ويدلكم على طرق الأنبياء والصالحين من قبلكم في الحلال والحرام,
    ويتوب عليكم بالرجوع بكم إلى الطاعات, وهو سبحانه عليم بما يصلح شأن عباده,
    حكيم فيما شرعه لكم .

    وَاللَّهُ
    يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ
    الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27)

    والله يريد أن يتوب عليكم, ويتجاوز عن خطاياكم, ويريد الذين ينقادون لشهواتهم
    وملذاتهم أن تنحرفوا عن الدين انحرافًا كبيرًا.

    يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً (28

    يريد الله تعالى بما شرعه لكم التيسير, وعدم التشديد عليكم; لأنكم خلقتم
    ضعفاء

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ
    بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلا
    تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً (29)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, لا يحل لكم أن يأكل بعضكم
    مال بعض بغير حق, إلا أن يكون وَفْقَ الشرع والكسب الحلال عن تراض منكم, ولا
    يقتل بعضكم بعضًا فتهلكوا أنفسكم بارتكاب محارم الله ومعاصيه. إن الله كان
    بكم رحيمًا في كل ما أمركم به, ونهاكم عنه.

    وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً
    وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)

    ومن يرتكب ما نهى الله عنه من أخذ المال الحرام كالسرقة والغصب والغش معتديًا
    متجاوزًا حد الشرع, فسوف يدخله الله نارًا يقاسي حرَّها, وكان ذلك على الله
    يسيرًا.

    إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ
    سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (31)

    إن تبتعدوا -أيها المؤمنون- عن كبائر الذنوب كالإشراك بالله وعقوق الوالدين
    وقَتْلِ النفس بغير الحق وغير ذلك, نكفِّر عنكم ما دونها من الصغائر, وندخلكم
    مدخلا كريمًا, وهو الجنَّة.

    وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ
    لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا
    اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ
    شَيْءٍ عَلِيماً (32)

    ولا تتمنوا ما فضَّل الله به بعضكم على بعض, في المواهب والأرزاق وغير ذلك,
    فقد جعل الله للرجال نصيبًا مقدَّرًا من الجزاء بحسب عملهم, وجعل للنساء
    نصيبًا مما عملن, واسألوا الله الكريم الوهاب يُعْطِكم من فضله بدلا من
    التمني. إن الله كان بكل شيء عليمًا, وهو أعلم بما يصلح عباده فيما قسمه لهم
    من خير.

    وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ
    وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ
    كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33)

    ولكل واحد منكم جعلنا ورثة يرثون مما ترك الوالدان والأقربون, والذين تحالفتم
    معهم بالأيمان المؤكدة على النصرة وإعطائهم شيئًا من الميراث فأعطوهم ما
    قُدِّر لهم. والميراث بالتحالف كان في أول الإسلام, ثم رُفع حكمه بنزول آيات
    المواريث. إن الله كان مُطَّلِعًا على كل شيء من أعمالكم, وسيجازيكم على ذلك.

    الرِّجَالُ قَوَّامُونَ
    عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا
    أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ
    لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ
    فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ
    أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ
    عَلِيّاً كَبِيراً (34)


    الرجال قوَّامون على توجيه النساء ورعايتهن, بما خصهم الله به من خصائص
    القِوامَة والتفضيل, وبما أعطوهن من المهور والنفقات. فالصالحات المستقيمات
    على شرع الله منهن, مطيعات لله تعالى ولأزواجهن, حافظات لكل ما غاب عن علم
    أزواجهن بما اؤتمنَّ عليه بحفظ الله وتوفيقه, واللاتي تخشون منهن ترفُّعهن عن
    طاعتكم, فانصحوهن بالكلمة الطيبة, فإن لم تثمر معهن الكلمة الطيبة, فاهجروهن
    في الفراش, ولا تقربوهن, فإن لم يؤثر فعل الهِجْران فيهن, فاضربوهن ضربًا لا
    ضرر فيه, فإن أطعنكم فاحذروا ظلمهن, فإن الله العليَّ الكبير وليُّهن, وهو
    منتقم ممَّن ظلمهنَّ وبغى عليهن.


    وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ
    وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ
    بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً (35)


    وإن علمتم -يا أولياء الزوجين- شقاقًا بينهما يؤدي إلى الفراق, فأرسلوا
    إليهما حكمًا عدلا من أهل الزوج, وحكمًا عدلا من أهل الزوجة; لينظرا ويحكما
    بما فيه المصلحة لهما, وبسبب رغبة الحكمين في الإصلاح, واستعمالهما الأسلوب
    الطيب يوفق الله بين الزوجين. إن الله تعالى عليم, لا يخفى عليه شيء من أمر
    عباده, خبير بما تنطوي عليه نفوسهم.


    وَاعْبُدُوا
    اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي
    الْقُرْبَى وَاليَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي
    الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ
    السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ
    كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً (36)


    واعبدوا الله وانقادوا له وحده, ولا تجعلوا له شريكًا في الربوبية والعبادة,
    وأحسنوا إلى الوالدين, وأدُّوا حقوقهما, وحقوق الأقربين, واليتامى
    والمحتاجين, والجار القريب منكم والبعيد, والرفيق في السفر وفي الحضر,
    والمسافر المحتاج, والمماليك من فتيانكم وفتياتكم. إن الله تعالى لا يحب
    المتكبرين من عباده, المفتخرين على الناس.


    الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ
    مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً
    مُهِيناً (37)


    الذين يمتنعون عن الإنفاق والعطاء مما رزقهم الله, ويأمرون غيرهم بالبخل,
    ويجحدون نِعَمَ الله عليهم, ويخفون فضله وعطاءه. وأعددنا للجاحدين عذابًا
    مخزيًا.



    سندريلا
    سندريلا
    عضو VIP
    عضو VIP


    انثى
    القوس
    العمر : 33
    الدوله : مصر
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    علم بلدك : التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Female31
    تاريخ التسجيل : 31/10/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف سندريلا الجمعة فبراير 27, 2009 8:43 pm


    ماشاءالله عليكي يا انجل

    جزاكي الله كل خير

    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 28u6vpw
    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الجمعة فبراير 27, 2009 9:04 pm

    :oops:

    سندريلا كتب:

    ماشاءالله عليكي يا انجل

    جزاكي الله كل خير

    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 28u6vpw
    منورة يا احلى سندريلا بالكون منورة

    ExclamationExclamation
    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الأحد مارس 01, 2009 3:40 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    وَالَّذِينَ
    يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا
    بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِيناً فَسَاءَ
    قَرِيناً (38

    وأعتدنا هذا العذاب كذلك للذين ينفقون أموالهم رياءً وسمعةً, ولا يصدقون
    بالله اعتقادًا وعملا ولا بيوم القيامة. وهذه الأعمال السيئة مما يدعو إليها
    الشيطان. ومن يكن الشيطان له ملازمًا فبئس الملازم والقرين.

    وَمَاذَا
    عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَنفَقُوا مِمَّا
    رَزَقَهُمْ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (39)

    وأيُّ ضرر يلحقهم لو صدَّقوا بالله واليوم الآخر اعتقادًا وعملا وأنفقوا مما
    أعطاهم الله باحتساب وإخلاص, والله تعالى عليم بهم وبما يعملون, وسيحاسبهم
    على ذلك.

    إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً
    يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (40)


    إن الله تعالى لا ينقص أحدًا من جزاء عمله مقدار ذرة, وإن تكن زنة الذرة حسنة
    فإنه سبحانه يزيدها ويكثرها لصاحبها, ويتفضل عليه بالمزيد, فيعطيه من عنده
    ثوابًا كبيرًا هو الجنة.

    فَكَيْفَ
    إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ
    شَهِيداً (41)

    فكيف يكون حال الناس يوم القيامة, إذا جاء الله من كل أمة برسولها ليشهد
    عليها بما عملت, وجاء بك -أيها الرسول- لتكون شهيدًا على أمتك أنك بلغتهم
    رسالة ربِّك.

    يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوْا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى
    بِهِمْ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42)

    يوم يكون ذلك, يتمنى الذين كفروا بالله تعالى وخالفوا الرسول ولم يطيعوه, لو
    يجعلهم الله والأرض سواء, فيصيرون ترابًا, حتى لا يبعثوا وهم لا يستطيعون أن
    يُخفوا عن الله شيئًا مما في أنفسهم, إذ ختم الله على أفواههم, وشَهِدَتْ
    عليهم جوارحهم بما كانوا يعملون.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ
    سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي
    سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ
    جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ
    تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
    وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً (43)

    يا أيها الذين صدَّقوا بالله ورسوله وعملوا بشرعه, لا تقربوا الصلاة ولا
    تقوموا إليها حال السكر حتى تميزوا وتعلموا ما تقولون, وقد كان هذا قبل
    التحريم القاطع للخمر في كل حال, ولا تقربوا الصلاة في حال الجنابة, ولا
    تقربوا مواضعها وهي المساجد, إلا من كان منكم مجتازًا من باب إلى باب, حتى
    تتطهروا. وإن كنتم في حال مرض لا تقدرون معه على استعمال الماء, أو حال سفر,
    أو جاء أحد منكم من الغائط, أو جامعتم النساء, فلم تجدوا ماء للطهارة فاقصدوا
    ترابًا طاهرًا, فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه. إن الله تعالى كان عفوًّا عنكم,
    غفورًا لكم.

    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ
    الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44)

    ألم تعلم -أيها الرسول- أمر اليهود الذين أُعطوا حظًّا من العلم مما جاءهم من
    التوراة, يستبدلون الضلالة بالهدى, ويتركون ما لديهم من الحجج والبراهين,
    الدالة على صدق رسالة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم, ويتمنون لكم -أيها
    المؤمنون المهتدون- أن تنحرفوا عن الطريق المستقيم; لتكونوا ضالين مثلهم.

    وَاللَّهُ
    أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللَّهِ
    نَصِيراً (45)

    والله سبحانه وتعالى أعلم منكم -أيها المؤمنون- بعداوة هؤلاء اليهود لكم,
    وكفى بالله وليًّا يتولاكم, وكفى به نصيرًا ينصركم على أعدائكم.

    مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ
    وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا
    لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا
    سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ
    وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ
    إِلاَّ قَلِيلاً (46)

    من اليهود فريق دأبوا على تبديل كلام الله وتغييره عمَّا هو عليه افتراء على
    الله, ويقولون للرسول صلى الله عليه وسلم: سمعنا قولك وعصينا أمرك واسمع
    منَّا لا سمعت, ويقولون: راعنا سمعك أي: افهم عنا وأفهمنا, يلوون ألسنتهم
    بذلك, وهم يريدون الدعاء عليه بالرعونة حسب لغتهم, والطعن في دين الإسلام.
    ولو أنهم قالوا: سمعنا وأطعنا, بدل و"عصينا", واسمع دون "غير مسمع", وانظرنا
    بدل "راعنا" لكان ذلك خيرًا لهم عند الله وأعدل قولا ولكن الله طردهم من
    رحمته; بسبب كفرهم وجحودهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم, فلا يصدقون بالحق
    إلا تصديقًا قليلا لا ينفعهم.

    يَا
    أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً
    لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى
    أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ
    أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47)

    يا أهل الكتاب, صدِّقوا واعملوا بما نزَّلنا من القرآن, مصدقًا لما معكم من
    الكتب من قبل أن نأخذكم بسوء صنيعكم, فنمحو الوجوه ونحولها قِبَلَ الظهور, أو
    نلعن هؤلاء المفسدين بمسخهم قردة وخنازير, كما لعنَّا اليهود مِن أصحاب
    السبت, الذين نُهوا عن الصيد فيه فلم ينتهوا, فغضب الله عليهم, وطردهم من
    رحمته, وكان أمر الله نافذًا في كل حال

    إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ
    لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً
    (48


    إن الله تعالى لا يغفر ولا يتجاوز عمَّن أشرك به أحدًا من مخلوقاته, أو كفر
    بأي نوع من أنواع الكفر الأكبر, ويتجاوز ويعفو عمَّا دون الشرك من الذنوب,
    لمن يشاء من عباده, ومن يشرك بالله غيره فقد اختلق ذنبًا عظيمًا.

    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلْ اللَّهُ يُزَكِّي
    مَنْ يَشَاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)

    ألم تعلم -أيها الرسول- أمر أولئك الذين يُثنون على أنفسهم وأعمالهم,
    ويصفونها بالطهر والبعد عن السوء؟ بل الله تعالى وحده هو الذي يثني على مَن
    يشاء مِن عباده, لعلمه بحقيقة أعمالهم, ولا يُنقَصون من أعمالهم شيئًا مقدار
    الخيط الذي يكون في شق نَواة التمرة.

    انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْماً
    مُبِيناً (50)

    انظر إليهم -أيها الرسول- متعجبًا من أمرهم, كيف يختلقون على الله الكذب, وهو
    المنزَّه عن كل ما لا يليق به؟ وكفى بهذا الاختلاق ذنبًا كبيرًا كاشفًا عن
    فساد معتقدهم.

    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ
    بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ
    أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (51)

    ألم تعلم -أيها الرسول- أمر أولئك اليهود الذين أُعطوا حظًّا من العلم يصدقون
    بكل ما يُعبد من دون الله من الأصنام وشياطين الإنس والجن تصديقا يحملهم على
    التحاكم إلى غير شرع الله, ويقولون للذين كفروا بالله تعالى وبرسوله محمد صلى
    الله عليه وسلم: هؤلاء الكافرون أقْومُ, وأعدلُ طريقًا من أولئك الذين آمنوا؟

    أُوْلَئِكَ
    الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ
    نَصِيراً (52)

    أولئك الذين كَثُرَ فسادهم وعمَّ ضلالهم, طردهم الله نعالى من رحمته, ومَن
    يطرده الله من رحمته فلن تجد له من ينصره, ويدفع عنه سوء العذاب.

    أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً
    (53)

    بل ألهم حظ من الملك, ولو أوتوه لما أعطوا أحدًا منه شيئًا, ولو كان مقدار
    النقرة التي تكون في ظهر النَّواة.

    أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ
    آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً
    عَظِيماً (54)

    بل أيحسدون محمدًا صلى الله عليه وسلم على ما أعطاه الله من نعمة النبوة
    والرسالة, ويحسدون أصحابه على نعمة التوفيق إلى الإيمان, والتصديق بالرسالة,
    واتباع الرسول, والتمكين في الأرض, ويتمنون زوال هذا الفضل عنهم؟ فقد أعطينا
    ذرية إبراهيم عليه السلام -من قَبْلُ- الكتب, التي أنزلها الله عليهم وما
    أوحي إليهم مما لم يكن كتابا مقروءا, وأعطيناهم مع ذلك ملكا واسعا.

    فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى
    بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (55)

    فمن هؤلاء الذين أوتوا حظًّا من العلم, مَن صدَّق برسالة محمد صلى الله عليه
    وسلم, وعمل بشرعه, ومنهم مَن أعرض ولم يستجب لدعوته, ومنع الناس من اتباعه.
    وحسبكم -أيها المكذبون- نار جهنم تسعَّر بكم.

    إِنَّ
    الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ
    جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ
    اللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)

    إن الذين جحدوا ما أنزل الله من آياته ووحي كتابه ودلائله وحججه, سوف ندخلهم
    نارًا يقاسون حرَّها, كلما احترقت جلودهم بدَّلْناهم جلودًا أخرى; ليستمر
    عذابهم وألمهم. إن الله تعالى كان عزيزًا لا يمتنع عليه شيء, حكيمًا في
    تدبيره وقضائه.

    وَالَّذِينَ
    آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
    تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ
    مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)

    والذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان بالله تعالى والتصديق برسالة رسوله محمد صلى
    الله عليه وسلم, واستقاموا على الطاعة, سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار,
    ينعمون فيها أبدًا ولا يخرجون منها, ولهم فيها أزواج طهرها الله مِن كل أذى,
    وندخلهم ظلا كثيفًا ممتدًا في الجنة.

    إِنَّ
    اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا
    حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ
    نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58

    إن الله تعالى يأمركم بأداء مختلف الأمانات, التي اؤتمنتم عليها إلى أصحابها,
    فلا تفرطوا فيها, ويأمركم بالقضاء بين الناس بالعدل والقسط, إذا قضيتم بينهم,
    ونِعْمَ ما يعظكم الله به ويهديكم إليه. إن الله تعالى كان سميعًا لأقوالكم,
    مُطَّلعًا على سائر أعمالكم, بصيرًا بها.

    يَا
    أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ
    وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ
    إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
    الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)

    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه, استجيبوا لأوامر الله تعالى
    ولا تعصوه, واستجيبوا للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الحق,
    وأطيعوا ولاة أمركم في غير معصية الله, فإن اختلفتم في شيء بينكم, فأرجعوا
    الحكم فيه إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, إن كنتم
    تؤمنون حق الإيمان بالله تعالى وبيوم الحساب. ذلك الردُّ إلى الكتاب والسنة
    خير لكم من التنازع والقول بالرأي، وأحسن عاقبة ومآلا .

    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الأحد مارس 01, 2009 4:08 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ
    يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ
    قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا
    أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً
    بَعِيداً (60)


    ألم تعلم -أيها الرسول- أمر أولئك المنافقين الذين يدَّعون الإيمان بما أُنزل
    إليك -وهو القرآن- وبما أُنزل إلى الرسل من قبلك, وهم يريدون أن يتحاكموا في
    فَصْل الخصومات بينهم إلى غير ما شرع الله من الباطل, وقد أُمروا أن يكفروا
    بالباطل؟ ويريد الشيطان أن يبعدهم عن طريق الحق, بعدًا شديدًا. وفي هذه الآية
    دليل على أن الإيمان الصادق, يقتضي الانقياد لشرع الله, والحكم به في كل أمر
    من الأمور, فمن زعم أنه مؤمن واختار حكم الطاغوت على حكم الله, فهو كاذب في
    زعمه.

    وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى
    الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61)

    وإذا نُصح هؤلاء, وقيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل الله, وإلى الرسول محمد صلى
    الله عليه وسلم, وهديه, أبصَرْتَ الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر, يعرضون
    عنك إعراضًا.

    فَكَيْفَ
    إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ
    يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ إِحْسَاناً وَتَوْفِيقاً (62)

    فكيف يكون حال أولئك المناففين, إذا حلَّت بهم مصيبة بسبب ما اقترفوه
    بأيديهم, ثم جاؤوك -أيها الرسول- يعتذرون, ويؤكدون لك أنهم ما قصدوا بأعمالهم
    تلك إلا الإحسان والتوفيق بين الخصوم.

    أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ
    عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63)

    أولئك هم الذين يعلم الله حقيقة ما في قلوبهم من النفاق, فتولَّ عنهم,
    وحذِّرهم من سوء ما هم عليه, وقل لهم قولا مؤثرًا فيهم زاجرًا لهم.

    وَمَا
    أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ
    أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ
    وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (64)

    وما بعَثْنَا من رسول من رسلنا, إلا ليستجاب له, بأمر الله تعالى وقضائه. ولو
    أن هؤلاء الذين ظلموا أنفسهم باقتراف السيئات, جاؤوك -أيها الرسول- في حياتك
    تائبين سائلين الله أن يغفر لهم ذنوبهم, واستغفرت لهم, لوجدوا الله توابًا
    رحيمًا.

    فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ
    بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ
    وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)

    أقسم الله تعالى بنفسه الكريمة أن هؤلاء لا يؤمنون حقيقة حتى يجعلوك حكمًا
    فيما وقع بينهم من نزاع في حياتك, ويتحاكموا إلى سنتك بعد مماتك, ثم لا يجدوا
    في أنفسهم ضيقًا مما انتهى إليه حكمك, وينقادوا مع ذلك انقيادًا تاماً,
    فالحكم بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة في كل شأن
    من شؤون الحياة من صميم الإيمان مع الرضا والتسليم .

    وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ
    أَنْ اقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ أَوْ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ
    إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ
    لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (66) وَإِذاً لآتَيْنَاهُمْ
    مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً
    مُسْتَقِيماً (68

    ولو أوجبنا على هؤلاء المنافقين المتحاكمين إلى الطاغوت أن يقتل بعضهم بعضًا,
    أو أن يخرجوا من ديارهم, ما استجاب لذلك إلا عدد قليل منهم, ولو أنهم
    استجابوا لما يُنصحون به لكان ذلك نافعًا لهم, وأقوى لإيمانهم, ولأعطيناهم من
    عندنا ثوابًا عظيمًا في الدنيا والآخرة, ولأرشدناهم ووفقناهم إلى طريق الله
    القويم.

    وَمَنْ
    يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ
    عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ
    وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً (69)

    ومن يستجب لأوامر الله تعالى وهدي رسوله محمد صلى الله عليه وسلم فأولئك
    الذين عَظُمَ شأنهم وقدرهم, فكانوا في صحبة مَن أنعم الله تعالى عليهم بالجنة
    من الأنبياء والصديقين الذين كمُل تصديقهم بما جاءت به الرسل، اعتقادًا وقولا
    وعملا والشهداء في سبيل الله وصالح المؤمنين, وحَسُنَ هؤلاء رفقاء في الجنة.

    ذَلِكَ
    الْفَضْلُ مِنْ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيماً (70)

    ذلك العطاء الجزيل من الله وحده. وكفى بالله عليما يعلم أحوال عباده, ومَن
    يَستحقُّ منهم الثواب الجزيل بما قام به من الأعمال الصالحة.

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ
    انفِرُوا جَمِيعاً (71)

    يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم بالاستعداد لعدوكم, فاخرجوا لملاقاته جماعة
    بعد جماعة أو مجتمعين.

    وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ
    قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً
    (72)

    وإنَّ منكم لنفرًا يتأخر عن الخروج لملاقاة الأعداء متثاقلا ويثبط غيره عن
    عمد وإصرار, فإن قُدِّر عليكم وأُصِبتم بقتل وهزيمة, قال مستبشرًا: قد حفظني
    الله, حين لم أكن حاضرًا مع أولئك الذين وقع لهم ما أكرهه لنفسي, وسرَّه
    تخلفه عنكم.

    وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ
    بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ
    فَوْزاً عَظِيماً (73)

    ولئن نالكم فضل من الله وغنيمة, ليقولن -حاسدًا متحسرًا, كأن لم تكن بينكم
    وبينه مودة في الظاهر- : يا ليتني كنت معهم فأظفر بما ظَفِروا به من النجاة
    والنصرة والغنيمة.

    فَلْيُقَاتِلْ
    فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ
    وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ
    نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (74)

    فليجاهد في سبيل نصرة دين الله, وإعلاء كلمته, الذين يبيعون الحياة الدنيا
    بالدار الآخرة وثوابها. ومن يجاهد في سبيل الله مخلصًا, فيُقْتَلْ أو
    يَغْلِبْ, فسوف نؤتيه أجرًا عظيمًا.

    وَمَا لَكُمْ
    لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ
    وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ
    هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ
    وَلِيّاً وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75)

    وما الذي يمنعكم -أيها المؤمنون- عن الجهاد في سبيل نصرة دين الله, ونصرة
    عباده المستضعفين من الرجال والنساء والصغار الذين اعتُدي عليهم, ولا حيلة
    لهم ولا وسيلة لديهم إلا الاستغاثة بربهم, يدعونه قائلين: ربنا أخرجنا من هذه
    القرية -يعني "مكة "- التي ظَلَم أهلها أنفسهم بالكفر والمؤمنين بالأذى,
    واجعل لنا من عندك وليّاً يتولى أمورنا, ونصيرًا ينصرنا على الظالمين.

    الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا
    يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ
    إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً (76)

    الذين صدَقُوا في إيمانهم اعتقادًا وعملا يجاهدون في سبيل نصرة الحق وأهله,
    والذين كفروا يقاتلون في سبيل البغي والفساد في الأرض, فقاتلوا أيها المؤمنون
    أهل الكفر والشرك الذين يتولَّون الشيطان, ويطيعون أمره, إن تدبير الشيطان
    لأوليائه كان ضعيفًا.

    أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا
    الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقِتَالُ إِذَا
    فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ
    خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا
    أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ
    وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنْ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)

    ألم تعلم -أيها الرسول- أمر أولئك الذين قيل لهم قبل الإذن بالجهاد: امنعوا
    أيديكم عن قتال أعدائكم من المشركين, وعليكم أداء ما فرضه الله عليكم من
    الصلاة, والزكاة, فلما فرض عليهم القتال إذا جماعة منهم قد تغير حالهم,
    فأصبحوا يخافون الناس ويرهبونهم, كخوفهم من الله أو أشد, ويعلنون عما اعتراهم
    من شدة الخوف, فيقولون: ربنا لِمَ أَوْجَبْتَ علينا القتال؟ هلا أمهلتنا إلى
    وقت قريب, رغبة منهم في متاع الحياة الدنيا, قل لهم -أيها الرسول- : متاع
    الدنيا قليل, والآخرة وما فيها أعظم وأبقى لمن اتقى, فعمل بما أُمر به,
    واجتنب ما نُهي عنه., لا يظلم ربك أحدًا شيئًا, ولو كان مقدار الخيط الذي
    يكون في شق نَواة التمرة.

    أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ
    مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ
    اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ
    كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ
    يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78

    أينما تكونوا يلحقكم الموت في أي مكان كنتم فيه عند حلول آجالكم, ولو كنتم في
    حصون منيعة بعيدة عن ساحة المعارك والقتال. وإن يحصل لهم ما يسرُّهم من متاع
    هذه الحياة, ينسبوا حصوله إلى الله تعالى, وإن وقع عليهم ما يكرهونه ينسبوه
    إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم جهالة وتشاؤمًا, وما علموا أن ذلك كله من
    عند الله وحده, بقضائه وقدره, فما بالهم لا يقاربون فَهْمَ أيِّ حديث تحدثهم
    به.

    مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنْ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ
    فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللَّهِ
    شَهِيداً (79)

    ما أصابك -أيها الإنسان- مِن خير ونعمة فهو من الله تعالى وحده, فضلا
    وإحسانًا, وما أصابك من جهد وشدة فبسبب عملك السيئ, وما اقترفته يداك من
    الخطايا والسيئات. وبعثناك -أيها الرسول- لعموم الناس رسولا تبلغهم رسالة
    ربك, وكفى بالله شهيدًا على صدق رسالتك.

    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الأحد مارس 01, 2009 4:25 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    مَنْ يُطِعْ
    الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ
    عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80)

    من يستجب للرسول صلى الله عليه وسلم, ويعمل بهديه, فقد استجاب لله تعالى
    وامتثل أمره, ومن أعرض عن طاعة الله ورسوله فما بعثناك -أيها الرسول- على
    هؤلاء المعترضين رقيبًا تحفظ أعمالهم وتحاسبهم عليها, فحسابهم علينا.

    وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ
    مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ
    فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً
    (81)

    ويُظْهر هؤلاء المعرضون, وهم في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم, طاعتهم
    للرسول وما جاء به, فإذا ابتعدوا عنه وانصرفوا عن مجلسه, دبَّر جماعة منهم
    ليلا غير ما أعلنوه من الطاعة, وما علموا أن الله يحصي عليهم ما يدبرون,
    وسيجازيهم عليه أتم الجزاء, فتول عنهم -أيها الرسول- ولا تبال بهم, فإنهم لن
    يضروك, وتوكل على الله, وحسبك به وليّاً وناصرًا.

    أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ
    لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)

    أفلا ينظر هؤلاء في القرآن, وما جاء به من الحق, نظر تأمل وتدبر, حيث جاء على
    نسق محكم يقطع بأنه من عند الله وحده؟ ولو كان مِن عند غيره لوجدوا فيه
    اختلافًا كثيرًا.

    وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوْ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ
    وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ
    لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ
    عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)

    وإذا جاء هؤلاء الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم أمْرٌ يجب كتمانه متعلقًا
    بالأمن الذي يعود خيره على الإسلام والمسلمين, أو بالخوف الذي يلقي في قلوبهم
    عدم الاطمئنان, أفشوه وأذاعوا به في الناس, ولو ردَّ هؤلاء ما جاءهم إلى رسول
    الله صلى الله عليه وسلم وإلى أهل العلم والفقه لَعَلِمَ حقيقة معناه أهل
    الاستنباط منهم. ولولا أنْ تَفَضَّلَ الله عليكم ورحمكم لاتبعتم الشيطان
    ووساوسه إلا قليلا منكم.

    فَقَاتِلْ
    فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضْ الْمُؤْمِنِينَ
    عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ
    بَأْساً وَأَشَدُّ تَنكِيلاً (84)

    فجاهد -أيها النبي- في سبيل الله لإعلاء كلمته, لا تلزم فعل غيرك ولا تؤاخذ
    به, وحُضَّ المؤمنين على القتال والجهاد, ورغِّبهم فيه, لعل الله يمنع بك
    وبهم بأس الكافرين وشدتهم. والله تعالى أشد قوة وأعظم عقوبة للكافرين.

    مَنْ
    يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ
    شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ
    شَيْءٍ مُقِيتاً (85)

    من يَسْعَ لحصول غيره على الخير يكن له بشفاعته نصيب من الثواب, ومن يَسْعَ
    لإيصال الشر إلى غيره يكن له نصيب من الوزر والإثم. وكان الله على كل شيء
    شاهدًا وحفيظًا.

    وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ
    رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (86)

    وإذا سلَّم عليكم المسلم فردُّوا عليه بأفضل مما سلَّم لفظًا وبشاشةً, أو
    ردوا عليه بمثل ما سلَّم, ولكل ثوابه وجزاؤه. إن الله تعالى كان على كل شيء
    مجازيًا.

    اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ
    لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ
    أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ حَدِيثاً (87)

    الله وحده المتفرد بالألوهية لجميع الخلق, ليجمعنكم يوم القيامة, الذي لا شك
    فيه, للحساب والجزاء. ولا أحد أصدق من الله حديثًا فيما أخبر به.

    فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا
    كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلْ
    اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88

    فما لكم -أيها المؤمنون- في شأن المنافقين إذ اختلفتم فرقتين: فرقة تقول
    بقتالهم وأخرى لا تقول بذلك؟ والله تعالى قد أوقعهم في الكفر والضلال بسبب
    سوء أعمالهم. أتودون هداية من صرف الله تعالى قلبه عن دينه؟ ومن خذله الله عن
    دينه, واتباع ما أمره به, فلا طريق له إلى الهدى.

    وَدُّوا
    لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلا تَتَّخِذُوا
    مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ
    تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا
    تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً (89)

    تمنَّى المنافقون لكم أيها المؤمنون, لو تنكرون حقيقة ما آمنت به قلوبكم,
    مثلما أنكروه بقلوبهم, فتكونون معهم في الإنكار سواء, فلا تتخذوا منهم أصفياء
    لكم, حتى يهاجروا في سبيل الله, برهانًا على صدق إيمانهم, فإن أعرضوا عما
    دعوا إليه, فخذوهم أينما كانوا واقتلوهم, ولا تتخذوا منهم وليّاً من دون الله
    ولا نصيرًا تستنصرونه به.

    إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ
    أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا
    قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ
    فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ
    السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90)

    لكن الذين يتصلون بقوم بينكم وبينهم عهد وميثاق فلا تقاتلوهم, وكذلك الذين
    أتَوا إليكم وقد ضاقت صدورهم وكرهوا أن يقاتلوكم, كما كرهوا أن يقاتلوا
    قومهم, فلم يكونوا معكم ولا مع قومهم, فلا تقاتلوهم, ولو شاء الله تعالى
    لسلَّطهم عليكم, فلقاتلوكم مع أعدائكم من المشركين, ولكن الله تعالى صرفهم
    عنكم بفضله وقدرته, فإن تركوكم فلم يقاتلوكم, وانقادوا اليكم مستسلمين, فليس
    لكم عليهم من طريق لقتالهم.

    سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا
    قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ
    لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا
    أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ
    وَأُوْلَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُبِيناً (91)

    ستجدون قومًا آخرين من المنافقين يودون الاطمئنان على أنفسهم من جانبكم,
    فيظهرون لكم الإيمان, ويودون الاطمئنان على أنفسهم من جانب قومهم الكافرين,
    فيظهرون لهم الكفر, كلما أعيدوا إلى موطن الكفر والكافرين, وقعوا في أسوأ
    حال. فهؤلاء إن لم ينصرفوا عنكم, ويقدموا إليكم الاستسلام التام, ويمنعوا
    أنفسهم عن قتالكم فخذوهم بقوة واقتلوهم أينما كانوا, وأولئك الذين بلغوا في
    هذا المسلك السيِّئ حدّاً يميزهم عمَّن عداهم, فهم الذين جعلنا لكم الحجة
    البينة على قتلهم وأسرهم.

    وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ
    مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ
    رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ
    يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ
    فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ
    وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ
    رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ
    مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنْ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً
    (92)


    ولا يحق لمؤمن الاعتداء على أخيه المؤمن وقتله بغير حق, إلا أن يقع منه ذلك
    على وجه الخطأ الذي لا عمد فيه, ومن وقع منه ذلك الخطأ فعليه عتق رقبة مؤمنة,
    وتسليم دية مقدرة إلى أوليائه, إلا أن يتصدقوا بها عليه ويعفوا عنه. فإن كان
    المقتول من قوم كفار أعداء للمؤمنين, وهو مؤمن بالله تعالى, وبما أنزل من
    الحق على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, فعلى قاتله عتق رقبة مؤمنة, وإن كان
    من قوم بينكم وبينهم عهد وميثاق, فعلى قاتله دية تسلم إلى أوليائه وعتق رقبة
    مؤمنة, فمن لم يجد القدرة على عتق رقبة مؤمنة, فعليه صيام شهرين متتابعين;
    ليتوب الله تعالى عليه. وكان الله تعالى عليما بحقيقة شأن عباده, حكيمًا فيما
    شرعه لهم.


    وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ
    جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ
    لَهُ عَذَاباً عَظِيماً (93)


    ومن يَعْتَدِ على مؤمن فيقتله عن عمد بغير حق فعاقبته جهنم, خالدًا فيها مع
    سخط الله تعالى عليه وطَرْدِهِ من رحمته, إن جازاه على ذنبه وأعدَّ الله له
    أشد العذاب بسبب ما ارتكبه من هذه الجناية العظيمة. ولكنه سبحانه يعفو ويتفضل
    على أهل الإيمان فلا يجازيهم بالخلود في جهنم.


    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
    فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمْ السَّلامَ لَسْتَ
    مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ
    مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ
    عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
    (94)


    يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه إذا خرجتم في الأرض مجاهدين
    في سبيل الله فكونوا على بينة مما تأتون وتتركون, ولا تنفوا الإيمان عمن بدا
    منه شيء من علامات الإسلام ولم يقاتلكم; لاحتمال أن يكون مؤمنًا يخفي إيمانه,
    طالبين بذلك متاع الحياة الدنيا, والله تعالى عنده من الفضل والعطاء ما
    يغنيكم به, كذلك كنتم في بدء الإسلام تخفون إيمانكم عن قومكم من المشركين
    فمَنَّ الله عليكم, وأعزَّكم بالإيمان والقوة, فكونوا على بيِّنة ومعرفة في
    أموركم. إن الله تعالى عليم بكل أعمالكم, مطَّلع على دقائق أموركم, وسيجازيكم
    عليها.


    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الأحد مارس 01, 2009 6:17 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ
    الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ
    اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ
    بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ
    اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ
    أَجْراً عَظِيماً (95)

    لا يتساوى المتخلفون عن الجهاد في سبيل الله -غير أصحاب الأعذار منهم-
    والمجاهدون في سبيل الله, بأموالهم وأنفسهم, فضَّل الله تعالى المجاهدين على
    القاعدين, ورفع منزلتهم درجة عالية في الجنة, وقد وعد الله كلا من المجاهدين
    بأموالهم وأنفسهم والقاعدين من أهل الأعذار الجنة لِما بذلوا وضحَّوا في سبيل
    الحق, وفضَّل الله تعالى المجاهدين على القاعدين ثوابًا جزيلا.

    دَرَجَاتٍ
    مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96)

    هذا الثواب الجزيل منازل عالية في الجنات من الله تعالى لخاصة عباده
    المجاهدين في سبيله, ومغفرة لذنوبهم ورحمة واسعة ينعمون فيها. وكان الله
    غفورًا لمن تاب إليه وأناب, رحيمًا بأهل طاعته, المجاهدين في سبيله.

    إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمْ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا
    فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ
    تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ
    مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً (97)

    إن الذين توفَّاهم الملائكة وقد ظلموا أنفسهم بقعودهم في دار الكفر وترك
    الهجرة, تقول لهم الملائكة توبيخًا لهم: في أي شيء كنتم من أمر دينكم؟
    فيقولون: كنا ضعفاء في أرضنا, عاجزين عن دفع الظلم والقهر عنا, فيقولون لهم
    توبيخا: ألم تكن أرض الله واسعة فتخرجوا من أرضكم إلى أرض أخرى بحيث تأمنون
    على دينكم؟ فأولئك مثواهم النار, وقبح هذا المرجع والمآب.

    إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا
    يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98

    ويعذر من ذاك المصير العجزة من الرجال والنساء والصغار الذين لا يقدرون على
    دفع القهر والظلم عنهم, ولا يعرفون طريقًا يخلصهم مما هم فيه من المعاناة.

    فَأُوْلَئِكَ
    عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً
    (99)

    فهؤلاء الضعفاء هم الذين يُرجى لهم من الله تعالى العفو; لعلمه تعالى بحقيقة
    أمرهم. وكان الله عفوًا غفورًا.

    وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً
    كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ
    وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى
    اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (100)

    ومَن يخرج من أرض الشرك إلى أرض الإسلام فرارًا بدينه, راجيًا فضل ربه,
    قاصدًا نصرة دينه, يجد في الأرض مكانًا ومتحولا ينعم فيه بما يكون سببًا في
    قوته وذلة أعدائه, مع السعة في رزقه وعيشه, ومن يخرج من بيته قاصدًا نصرة دين
    الله ورسوله صلى الله عليه وسلم, وإعلاء كلمة الله, ثم يدركه الموت قبل بلوغه
    مقصده, فقد ثبت له جزاء عمله على الله, فضلا منه وإحسانًا. وكان الله غفورًا
    رحيمًا بعباده.

    وَإِذَا
    ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنْ
    الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ
    الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوّاً مُبِيناً (101)

    وإذا سافرتم -أيها المؤمنون- في أرض الله, فلا حرج ولا إثم عليكم في قصر
    الصلاة إن خفتم من عدوان الكفار عليكم في حال صلاتكم, وكانت غالب أسفار
    المسلمين في بدء الإسلام مخوفة, والقصر رخصة في السفر حال الأمن أو الخوف. إن
    الكافرين مجاهرون لكم بعداوتهم, فاحذروهم.

    وَإِذَا كُنتَ
    فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ
    وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ
    وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا
    مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا
    لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ
    عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ
    أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ
    وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً
    (102)

    وإذا كنت -أيها النبي- في ساحة القتال, فأردت أن تصلي بهم, فلتقم جماعة منهم
    معك للصلاة, وليأخذوا سلاحهم, فإذا سجد هؤلاء فلتكن الجماعة الأخرى من خلفكم
    في مواجهة عدوكم, وتتم الجماعة الأولى ركعتهم الثانية ويُسلِّمون, ثم تأتي
    الجماعة الأخرى التي لم تبدأ الصلاة فليأتموا بك في ركعتهم الأولى, ثم يكملوا
    بأنفسهم ركعتهم الثانية, وليحذروا مِن عدوهم وليأخذوا أسلحتهم. ودَّ الجاحدون
    لدين الله أن تغفُلوا عن سلاحكم وزادكم; ليحملوا عليكم حملة واحلة فيقضوا
    عليكم, ولا إثم عليكم حيننذ إن كان بكم أذى من مطر, أو كنتم في حال مرض, أن
    تتركوا أسلحتكم, مع أخذ الحذر. إن الله تعالى أعدَّ للجاحدين لدينه عذابًا
    يهينهم, ويخزيهم.

    فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً
    وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ
    الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً (103)

    فإذا أدَّيتم الصلاة, فأديموا ذكر الله في جميع أحوالكم, فإذا زال الخوف
    فأدُّوا الصلاة كاملة, ولا تفرِّطوا فيها فإنها واجبة في أوقات معلومة في
    الشرع.

    وَلا
    تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ
    يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ
    وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (104)

    ولا تضعفوا في طلب عدوكم وقتاله, إن تكونوا تتألمون من القتال وآثاره,
    فأعداؤكم كذلك يتألمون منه أشد الألم, ومع ذلك لا يكفون عن قتالكم, فأنتم
    أولى بذلك منهم, لما ترجونه من الثواب والنصر والتأييد, وهم لا يرجون ذلك.
    وكان الله عليمًا بكل أحوالكم, حكيمًا في أمره وتدبيره.

    إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ
    النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيماً (105)

    إنا أنزلنا إليك -أيها الرسول- القرآن مشتملا على الحق; لتفصل بين الناس
    جميعًا بما أوحى الله إليك, وبَصَّرك به, فلا تكن للذين يخونون أنفسهم
    -بكتمان الحق- مدافعًا عنهم بما أيدوه لك من القول المخالف للحقيقة.

    وَاسْتَغْفِرْ
    اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (106)


    واطلب من الله تعالى المغفرة في جميع أحوالك, إن الله تعالى كان غفورًا لمن
    يرجو فضله ونوال مغفرته, رحيمًا به.

    وَلا تُجَادِلْ عَنْ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا
    يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107)

    ولا تدافع عن الذين يخونون أنفسهم بمعصية الله. إن الله -سبحانه- لا يحب مَن
    عَظُمَتْ خيانته, وكثر ذنبه.

    يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ
    مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ
    بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108)

    يستترون من الناس خوفًا من اطلاعهم على أعمالهم السيئة, ولا يستترون من الله
    تعالى ولا يستحيون منه, وهو عزَّ شأنه معهم بعلمه, مطلع عليهم حين يدبِّرون
    -ليلا- ما لا يرضى من القول, وكان الله -تعالى- محيطًا بجميع أقوالهم
    وأفعالهم, لا يخفى عليه منها شيء.

    هَاأَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
    فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ
    عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109)

    ها أنتم -أيها المؤمنون- قد حاججتم عن هؤلاء الخائنين لأنفسهم في هذه الحياة
    الدنيا, فمن يحاجج الله تعالى عنهم يوم البعث والحساب؟ ومن ذا الذي يكون على
    هؤلاء الخائنين وكيلا يوم القيامة؟

    وَمَنْ
    يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ
    اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110)

    ومن يُقْدِمْ على عمل سيِّئ قبيح, أو يظلم نفسه بارتكاب ما يخالف حكم الله
    وشرعه, ثم يرجع إلى الله نادمًا على ما عمل, راجيًا مغفرته وستر ذنبه, يجد
    الله تعالى غفورًا له, رحيمًا به.

    وَمَنْ
    يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ
    عَلِيماً حَكِيماً (111)

    ومن يعمد إلى ارتكاب ذنب فإنما يضر بذلك نفسه وحدها, وكان الله تعالى عليمًا
    بحقيقة أمر عباده, حكيمًا فيما يقضي به بين خلقه.

    وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدْ
    احْتَمَلَ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112)

    ومن يعمل خطيئة بغير عمد, أو يرتكب ذنبًا متعمدًا ثم يقذف بما ارتكبه نفسًا
    بريئة لا جناية لها, فقد تحمَّل كذبًا وذنبًا بيّنا.

    وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ
    مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا
    يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ
    وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ
    عَلَيْكَ عَظِيماً (113)

    ولولا أن الله تعالى قد مَنَّ عليك -أيها الرسول- ورحمك بنعمة النبوة, فعصمك
    بتوفيقه بما أوحى إليك, لعزمت جماعة من الذين يخونون أنفسهم أن يُزِلُّوكَ عن
    طريق الحق, وما يُزِلُّونَ بذلك إلا أنفسهم, وما يقدرون على إيذائك لعصمة
    الله لك, وأنزل الله عليك القرآن والسنة المبينة له, وهداك إلى علم ما لم تكن
    تعلمه مِن قبل, وكان ما خصَّك الله به من فضلٍ أمرًا عظيمًا.

    angel_sad
    angel_sad
    عضو متميز
    عضو متميز


    انثى
    العذراء
    العمر : 32
    الدوله : 20092008
    نشاط العضو :
    التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Left_bar_bleue50 / 10050 / 100التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه - صفحة 2 Right_bar_bleue

    تاريخ التسجيل : 09/08/2008

    تشجيع رد: التفسير الميسر للقران الكريم حصريا على روتانا كافيه

    مُساهمة من طرف angel_sad الأحد مارس 01, 2009 8:22 pm

    :oops:
    ورجعتلكم
    بسم الله الرحمن الرحيم

    لا خَيْرَ فِي
    كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ
    إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ
    اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114)

    لا نفع في كثير من كلام الناس سرّاً فيما بينهم, إلا إذا كان حديثًا داعيًا
    إلى بذل المعروف من الصدقة, أو الكلمة الطيبة, أو التوفيق بين الناس, ومن
    يفعل تلك الأمور طلبًا لرضا الله تعالى راجيًا ثوابه, فسوف نؤتيه ثوابًا
    جزيلا واسعًا.

    وَمَنْ يُشَاقِقْ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى
    وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى
    وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً (115)

    ومن يخالف الرسول صلى الله عليه وسلم من بعد ما ظهر له الحق, ويسلك طريقًا
    غير طريق المؤمنين, وما هم عليه من الحق, نتركه وما توجَّه إليه, فلا نوفقه
    للخير, وندخله نار جهنم يقاسي حرَّها, وبئس هذا المرجع والمآل.

    إِنَّ
    اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
    يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (116)

    إن الله تعالى لا يغفر أن يشرك به, ويغفر ما دون الشرك من الذنوب لمن يشاء من
    عباده. ومن يجعل لله تعالى الواحد الأحد شريكًا من خلقه, فقد بَعُدَ عن الحق
    بعدًا كبيرًا.

    إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ
    شَيْطَاناً مَرِيداً (117)

    ما يعبد المشركون من دون الله تعالى إلا أوثانًا لا تنفع ولا تضر, وما يعبدون
    إلا شيطانًا متمردًا على الله, بلغ في الفساد والإفساد حدّاً كبيرًا.

    لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً
    (118)

    طرده الله تعالى من رحمته. وقال الشيطان: لأتخذن مِن عبادك جزءًا معلومًا في
    إغوائهم قولا وعملا.

    وَلأضِلَّنَّهُمْ وَلأمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ
    آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ
    يَتَّخِذْ الشَّيْطَانَ وَلِيّاً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ
    خُسْرَاناً مُبِيناً (119)

    ولأصرفَنَّ مَن تبعني منهم عن الحق, ولأعِدَنَّهم بالأماني الكاذبة,
    ولأدعونَّهم إلى تقطيع آذان الأنعام وتشقيقها لما أزينه لهم من الباطل,
    ولأدعونَّهم إلى تغيير خلق الله في الفطرة, وهيئة ما عليه الخلق. ومن يستجب
    للشيطان ويتخذه ناصرًا له من دون الله القوي العزيز, فقد هلك هلاكًا بيِّنًا.

    يَعِدُهُمْ
    وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً (120)

    يعد الشيطان أتباعه بالوعود الكاذبة, ويغريهم بالأماني الباطلة الخادعة, وما
    يَعِدهم إلا خديعة لا صحة لها, ولا دليل عليها.

    أُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصاً (121)

    أولئك مآلهم جهنم, ولا يجدون عنها معدلا ولا ملجأ .

    وَالَّذِينَ
    آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ
    تَحْتِهَا الأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقّاً
    وَمَنْ أَصْدَقُ مِنْ اللَّهِ قِيلاً (122)

    والذين صَدَقوا في إيمانهم بالله تعالى, وأتبعوا الإيمان بالأعمال الصالحة
    سيدخلهم الله -بفضله- جنات تجري من نحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدًا,
    وعدا من الله تعالى الذي لا يخلف وعده. ولا أحد أصدق من الله تعالى في قوله
    ووعده.

    لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ
    سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا
    نَصِيراً (123)

    لا يُنال هذا الفضل العظيم بالأماني التي تتمنونها أيها المسلمون, ولا بأماني
    أهل الكتاب من اليهود والنصارى, وإنما يُنال بالإيمان الصادق بالله تعالى,
    وإحسان العمل الذي يرضيه. ومن يعمل عملا سيئًا يجز به, ولا يجد له سوى الله
    تعالى وليّاً يتولى أمره وشأنه, ولا نصيرًا ينصره, ويدفع عنه سوء العذاب.

    وَمَنْ
    يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ
    فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)

    ومن يعمل من الأعمال الصالحة من ذكر أو أنثى, وهو مؤمن بالله تعالى وبما أنزل
    من الحق, فأولئك يدخلهم الله الجنة دار النعيم المقيم, ولا يُنْقَصون من ثواب
    أعمالهم شيئًا, ولو كان مقدار النقرة في ظهر النواة.

    وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ
    وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ
    خَلِيلاً (125)

    لا أحد أحسن دينًا ممن انقاد بقلبه وسائر جوارحه لله تعالى وحده, وهو محسن,
    واتبع دين إبراهيم وشرعه, مائلا عن العقائد الفاسدة والشرائع الباطلة. وقد
    اصطفى الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- واتخذه صفيّاً من بين سائر خلقه.
    وفي هذه الآية, إثبات صفة الخُلّة لله -تعالى- وهي أعلى مقامات المحبة,
    والاصطفاء.

    وَلِلَّهِ
    مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ
    مُحِيطاً (126)

    ولله جميع ما في هذا الكون من المخلوقات, فهي ملك له تعالى وحده. وكان الله
    تعالى بكل شيء محيطًا, لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه.

    وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا
    يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لا
    تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ
    وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى
    بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ
    عَلِيماً (127)

    يطلب الناس منك -أيها النبي- أن تبين لهم ما أشكل عليهم فَهْمُه من قضايا
    النساء وأحكامهن, قل الله تعالى يبيِّن لكم أمورهن, وما يتلى عليكم في الكتاب
    في يتامى النساء اللاتي لا تعطونهن ما فرض الله تعالى لهن من المهر والميراث
    وغير ذلك من الحقوق, وتحبون نكاحهن أو ترغبون عن نكاحهن, ويبيِّن الله لكم
    أمر الضعفاء من الصغار, ووجوب القيام لليتامى بالعدل وترك الجور عليهم في
    حقوقهم. وما تفعلوا من خير فإن الله تعالى كان به عليمًا, لا يخفى عليه شيء
    منه ولا من غيره.

    وَإِنْ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ
    عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ
    وَأُحْضِرَتْ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ
    اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128)

    وإن علمت امرأة من زوجها ترفعًا عنها, وتعاليًا عليها أو انصرافًا عنها فلا
    إثم عليهما أن يتصالحا على ما تطيب به نفوسهما من القسمة أو النفقة, والصلح
    أولى وأفضل. وجبلت النفوس على الشح والبخل. وإن تحسنوا معاملة زوجاتكم
    وتخافوا الله فيهن, فإن الله كان بما تعملون من ذلك وغيره عالمًا لا يخفى
    عليه شيء, وسيجازيكم على ذلك.

    وَلَنْ
    تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا
    تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا
    وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً (129)

    ولن تقدروا -أيها الرجال- على تحقيق العدل التام بين النساء في المحبة وميل
    القلب, مهما بذلتم في ذلك من الجهد, فلا تعرضوا عن المرغوب عنها كل الإعراض,
    فتتركوها كالمرأة التي ليست بذات زوج ولا هي مطلقة فتأثموا. وإن تصلحوا
    أعمالكم فتعدلوا في قَسْمكم بين زوجاتكم, وتراقبوا الله تعالى وتخشوه فيهن,
    فإن الله تعالى كان غفورًا لعباده, رحيمًا بهم.

    وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ
    وَاسِعاً حَكِيماً (130)

    وإن وقعت الفرقة بين الرجل وامرأته, فإن الله تعالى يغني كلا منهما من فضله
    وسعته; فإنه سبحانه وتعالى واسع الفضل والمنة, حكيم فيما يقضي به بين عباده.

    وَلِلَّهِ
    مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ
    أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنْ اتَّقُوا اللَّهَ
    وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
    وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً (131)

    ولله ملك ما في السموات وما في الأرض وما بينهما. ولقد عهدنا إلى الذين
    أُعطوا الكتاب من قبلكم من اليهود والنصارى, وعهدنا إليكم كذلك -يا أمة محمد-
    بتقوى الله تعالى, والقيام بأمره واجتناب نهيه, وبيَّنَّا لكم أنكم إن تجحدوا
    وحدانية الله تعالى وشرعه فإنه سبحانه غني عنكم; لأن له جميع ما في السموات
    والأرض. وكان الله غنيّاً عن خلقه, حميدًا في صفاته وأفعاله.

    وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ
    وَكِيلاً (132)

    ولله ملك ما في هذا الكون من الكائنات, وكفى به سبحانه قائمًا بشؤون خلقه
    حافظًا لها.

    إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ
    اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيراً (133)

    إن يشأ الله يُهلكُّم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين غيركم. وكان الله على ذلك
    قديرًا.

    مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا
    وَالآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (134)

    من يرغب منكم -أيها الناس- في ثواب الدنيا ويعرض عن الآخرة, فعند الله وحده
    ثواب الدنيا والآخرة, فليطلب من الله وحده خيري الدنيا والآخرة, فهو الذي
    يملكهما. وكان الله سميعًا لأقوال عباده, بصيرًا بأعمالهم ونياتهم, وسيجازيهم
    على ذلك.


      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 10:05 pm